
الموسيقى، تعتبر أحد أسمى و أرقى الفنون البشرية التي كلما إزدهرت تحضرت المجتمعات و الشعوب، فهي تحرك نفوسنا و فيها أكثر مما يفعله الترياق فقد إعتبرها العلماء الدواء العظيم للنفس البشرية على مر العصور فكما قال العالم و الفيلسوف أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين :
من لم يحركه الربيع و أزهاره، و العود و أوتاره، فهو فاسد المزاج ليس له علاج
إن الموسيقى تنقلنا إلى عالم آخر و تجعلنا أبطال فيلم الأكشن المفضل لدينا فهذا يعود إلى الجذع المخي المرتبط بمعدلات سرعة القلب و الجهاز التنفسي، أو ربما تسافر بنا إلى عالم مليئ بالتحفيز و الإثارة عبر ألحان صممت لتقشعر لها أبداننا لحماستها الفياضة.
مهما كان نوع الموسيقى الذي تفضله أو ماهيته فمن المؤكد أن له رسالة يبثها في آذان السامعين و لكن عظمة الموسيقى تسافر بكل إنسان إلى عالمه الخاص أين يبدع بخياله أو يجوب الماضي بما أنها مست ذكرياته، هذا برهان على أن الموسيقى تؤكد على أن النفس البشرية تتشابه في ما بينها ظاهريا و لكنها تختلف تماما جوهريا فلكل إنسان أهدافه و طموحاته تتجسد أمامه من خلال مقطوعته المفضلة التي دوما ما تجعله متفائلا و مبتسما.
إستمع و حمل باقة من المقالات و ملخصات الكتب الصوتية عبر تطبيق أوديولابي 👈 حمله مجانا
الموسيقى: الدواء العظيم للنفس البشرية على مر العصور
إستخدامات للموسيقى كعلاج عملي
بالنسبة لعلماء العرب مثل الرازي الموسيقى علاج لأمراض نفسية عدة خاصة منها الماليخوليا و هو مرض نفسي يجعل المريض غير قابل للتعامل مع الناس محتقرا ذاته و إنطوائيا، فتخيل أثر الموسيقى الرائعة التي تروق للمريض، حركاته و تفاعله معها فقط يجعله يحاور أرقى الفنون مما يسمح له و بكل بساطة فتح باب الأمل للتواصل و التحاور مع الناس من جديد.
أضاف الكندي أن كل وتر و تنغيمة و إيقاعه تؤثر على منطقة معينة في جسم الإنسان، أما كورنيليوس فإستخدم الصنج و الماء لعلاج الإظطرابات النفسية.
قد يهمك: مهارات فن الإقناع والتأثير على الآخرين
هل الموسيقى دواء للمرضى فقط ؟
بما أننا بشر فنحن كائنات متقلبة المزاج و إلى يومنا هذا و علم النفس يبحث و يغوص في خبايا النفس البشرية التي لا تنتهي لكي يجد الحلول لحياة مليئة بالسعادة و الفرح و لكن الفلسفة تقول أن لكل إنسان مفهومه الخاص للسعادة و مصدره الخاص لذلك إتخذ كل من فيفالدي، موزارت و تشوبان الموسيقى حياة أخرى في عالم آخر مليئ بالسلام الداخلي و الحب الذي ينشرونه بين الناس عبر مقطوعاتهم الشهيرة التي تمرر من جيل إلى جيل حتى يومنا هذا لذلك الموسيقى ليست دواء عند الحاجة فقط بل يمكننا إعتبارها أنها هي الحاجة في حد ذاتها لتحقيق الذات نفسها بالنسبة لأغلب البشر.
قد يهمك: تعرف على 4 طرق للتغلب على الإكتئاب
منذ متى بدأت الموسيقى ؟
بدأت الموسيقى مع بداية المخلوقات، فهي تتجسد في أصوات الحيوانات، نغمات مختلفة، فالعصافير بزقزقتها تصدر ألحان مختلفة عديدة، صوت الرياح، الرعد و المطر، ثم جاء الإنسان الذي غار من الطبيعة و أراد أن يستغل عقله ليسيطر على هذا الفن مستعينا بصوته ثم بالآلات التي يخترعها، فأقدم آلة تم إكتشافها الآن حسب مجلة ناشيونال جيوغرافيك هي الناي، فقد وجدوا عضاما مثقوبة بعناية و مصقولة بحرفية قادرة على إصدار أصوات مختلفة، و عند تحليلها في المختبرات إتضح أن عمرها أكثر من 40 ألف سنة، هذا ليس دليلا على أن الموسيقى تتجسد في الطبيعة فقط بل هي الطبيعة نفسها.
عزيزي القارئ إذا عزفت لك دو، ري، مي ثم فا و لم تكن بعدها صول فسوف تشعر أنه يوجد خلل ما حتى و لو لم تكن لك خبرة موسيقية، إذا إستمع آلاف البشر لأغنية معينة، كلهم سيتفقون على أنها حزينة أو سعيدة أو حتى تحفيزية، كل هذه الإستنتاجات التلقائية دون أن نشعر جاءت نتيجة أثر الموسيقى الذي أصبح يسير في عروقنا منذ آلاف السنين، و حتى إن لم تقتنع بكلامي هذا و كل ما سبق يكفيك أن تعرف أن بيتهوفن أعظم موسيقي في التاريخ صم لا يسمع ما يلحنه، الآن هل تأكدت أن الموسيقى لغة الروح ؟
إرسال تعليق