الخلافات البنّاءة: 9 نصائح للتحدث مع شخص تختلف معه


"الخلافات لا مفر منها ، ولكن كيفية التعامل معها يمكن أن يحدث فرقا كبيرا."

- بوجا اجنيهوتري


يعاني الكثير منا من نقص في قدرتنا على قبول الآخر والرأي المخالف. وعندما نفشل في تواصلنا مع من يخالفنا، يمكن أن يمثل ذلك خسارة كبيرة لعلاقاتنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا. وتناقش هذه المقالة طرق تحسين المحادثات مع الأشخاص الذين لا نتفق معهم.

قبل أن نتعمق في الموضوع ، نريد التأكيد أنه من واجبنا أن ندافع بحماس عن ما نؤمن به. والهدف هنا ليس تخفيف حدة أفكارنا أو الاعتذار عن ما نعتقده بخصوص موضوع ما، ولكن لنصبح أكثر فعالية ومصداقية وتعاونًا عندما نتعامل مع الأشخاص الذين يرون العالم بشكل مختلف.

ويعتبر ذلك أمرا مهمّا لأن الكثيرين منا يخشون الاختلاف رغم أن الحقيقة هي أنه جزء طبيعي من الحياة. يمكن أن تكون الخلافات بنّاءة أو مضرّة. وإذا كنا نسعى إلى حماية علاقاتنا وتقوية مجتمعاتنا بدلاً من تدميرها، فيجب أن نركّز على الخلافات البنّاءة. ولذا نشارككم 9 نصائح للتحدث مع شخص لا تتفق معه


1. أظهر للناس أنهم مهمون

تأكد من تحسين علاقتك بهذا الشخص. إن قول أشياء مثل "قبل أن أقول أي شيء، أريد أن أتأكد أنك تعرف أنني أهتم بك" أو "أريد أن أؤكد أنني أحترمك وأقدر وجهة نظرك" يجعل النقاش أسهل بكثير، وبدلاً من بدء المحادثة بموقف دفاعي على الفور، حاول أن تؤكّد أنّك شخص يهتم فعلا بسماع الآخرين ومحاولة فهمهم. تذكر ألا تقول "أنا أهتم بك ... لكن." من المهم عدم استعمال صيغ الاستدارك.

 بالتعبير عن اهتمامك، أنت تذكر الطرف الآخر أن قيمة العلاقة فوق المعتقدات والرؤى الشخصية. وذلك تذكيرفعّال للغاية أن إنسانيتنا تتحدد من خلال الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا البعض وليس بمدى اتفاقنا.


2. لا تدع الإحباط يتغلب عليك

من الصعب أن تظل هادئًا عندما يقول الناس أشياء تعارضها بشدة. وقد يكون من المغري أن تهاجمهم معبّرا عن رأيك. ولكن ربما ينبغي أن تتوقف لحظة وتفكّر في وقت غيرت فيه رأيك بشأن شيء ما. هل تضمنت تلك التجربة قيام شخص ما بالصراخ في وجهك أو السخرية منك؟ على الاغلب لا.

يجب أن تكون أهدافنا في المحادثات الصعبة بشكل عام هي حماية علاقتك مع هذا الشخص والتعزيز من فرص فهمك وانفتاحك على الآراء المختلفة. 

في تلك الأوقات التي تشعر فيها كأنك جاهز للانفجار، خذ نفسًا عميقًا وركز كل هذه الطاقة في أفكار وحجج منطقية. لا تنفجر ولا تهاجم. حوّل هذا الإحباط إلى طاقة ووسيلة لفهم الحياة أكثر والانفتاح والتواصل مع الآخرين المختلفين. اجعل هذه الطاقة تفوز. ولكن إذا لم تتمكن من توجيهها في تلك اللحظة، فلا مشكلة على الإطلاق في قول "أنا غاضب جدًا وأحتاج إلى أخذ قسط من الراحة. وسنناقش هذا لاحقا" اذهب لإخماد غضبك وعد إلى النقاش لاحقًا، لأنك إذا لم تتوقف، فإنك تخاطر بتعريض العلاقة بأكملها للخطر وقد تفقد أي مصداقية أو ثقة كنت تعمل على بنائها.

لذا احمِ علاقتك بهذا الشخص وافعل كل ما في وسعك للبقاء على اتصال مثمر معه (باستثناء الحالات التي تكون فيها هناك حاجة إلى إنهاء العلاقة من أجل سلامتك).


3. اعترف بالمخاوف الموجودة 

يريد البشر عمومًا أن يعيشوا ولا يموتوا. نريد أن نكون أحرارًا وليس خاضعين للسيطرة. نخشى الفوضى ونبحث عن المعنى والنظام. من المهم التعرف على المخاوف التي تقود معتقدات شخص ما.

من المهم أن نفهم الروابط العاطفية القوية للأشياء المشتركة بيننا. فالاعتراف بالمخاوف يجعلنا نتعاطف، ويذكّرنا بتجربتنا الإنسانية المشتركة. وفي بعض الأحيان ، قد يكون الخوف هو أكبر شيء مشترك بيننا.

لذا لا تتجاوز هذا العنصر المهم للغاية. إذا وصلت المحادثة إلى نهاية مسدودة، فإن التفكير في المخاوف ومشاركتها يمكن أن يجعل الأمور تتحسن.


4. لا تفترض الأسوأ

أغلبنا نريد أن نقاتل من أجل العيش في عالم جيّد وأن نفعل الشيء الصحيح. قد تكون لدينا رؤى مختلفة حول كيفية تحقيق ذلك، ولكن من المهم أن نفترض أن أي شخص نتحدث معه يسعى للخير ولتحقيق الفائدة إلا إن أثبت عكس ذلك. حاول تفسير ما يقولوه الآخرون بطريقة موضوعية، حتى لو كنت تنوي مقاومة أفكارهم. فهذا يُظهر لشريكك في المحادثة أنك لست عازما على مهاجمته لمجرد أنه يعارض رأيك. وحتى لو اعتقدنا أن شخصًا ما يتبنى أفكارًا غريبة أو إشكالية، فإن إخباره بأننا نأمل ونتوقع الأفضل منه يبني جسراً للتواصل البنّاء.


5. شارك مصادرك

المعلومات التي نستخدمها لبناء ودعم ما نؤمن به مهمة للغاية كما من المهم أيضًا أن نحصّل هذه المعلومات. تكمن المشكلة في العصر الرقمي في وجود الكثير من المعلومات الخاطئة أو المضللة المنتشرة في جميع أنحاء العالم ويسوء الأمر لكونها مقنعة.

شارك مصادر معلوماتك، مثل المقالات أو الكتب أو الأفلام الوثائقية - وكن مستعدًا لاحتمال أن ينتقد الناس هذه المصادر أو يرفضون شرعيتها. هذا كله جزء من عملية التفاوض الاجتماعي والخلاف البنّاء. وإذا كانت مصادرك مشروعة، فلا مشكلة في إخضاعها للتدقيق.

إذا رفض شخص ما مصادرك، فحاول العثور على مصادر يمكن لكليكما الموافقة على قبولها حتى إذا كنت تظن أن هذه المصادر قد تكون متحيزة.


6. تجنب الكلام الجارح

يمكن النظر إلى بعض الكلمات على أنها عدوانية وتخلق التأثير المعاكس للخطاب التعاوني والمنتج.

يتضمن ذلك أيًا مما يلي:

- كلمات مثل "غبي" ، "جاهل" ، "مجنون" / العبارات التي تعمّم وترفض الاستثناءات/ الهجمات الشخصية / التصنيفات التي لم يتبناها الأشخاص بأنفسهم/ الكلمات بذيئة (لا أعارض الشتائم بشكل عام، ولكن في المحادثات الصعبة ، يمكن أن يؤدي السب إلى تشتيت الانتباه وزيادة المشاعر السلبية) لذلك يجب توخي الحذرلكون هذه الكلمات تولد العداء والقلق.


7. أظهر للآخر أنك تفهم رغم الاختلاف

لا يمكننا أن نلعب كرة السلة إذا كنا لا نعرف ما هي التصرفات التي تعتبر انتهاكًا أو خطأ، أليس كذلك؟

وينطبق الشيء نفسه على الخلافات. إذا بدأنا محادثة ولم نأخذ الوقت الكافي للاستماع وفهم الفروق الدقيقة لما يقوله أو يؤمن به شخص ما، فإننا نلعب اللعبة دون فهم القواعد. قد نقول أشياء لا معنى لها ولا تناسب الموقف مما قد يجعل مشاركتنا محبطة أو غير مفيدة. قد نفوت أيضًا فرصًا لإثبات منطقية آرائنا. الكل يريد أن يُفهم خاصة في الخلافات. عدم استماعك أو تحريف كلمات الآخرين يخلق الكثير من الاستياء. لذا خذ وقتك وأصغ.


8.  لا تكن متعاليا

لا أحد يحب الأشخاص الذين يعرفون كل شيء، حتى وإن كنت أكاديميا مثقّفا فسوف يهرب الآخرون منك في اللحظة التي تتصرف فيها بتعال. التباهي بكونك تعرف أكثر من أي شخص آخر لن يجعلك شخصًا أفضل بل يجعلك تبدو شخصا غير واثق بنفسه. الثقة مهمة وكونك متعاليًا يعبّر عن رغبتك في السيطرة أو إجبار شخص ما على الاتفاق معك والتلميح إلى أنه إذا لم يفعل ذلك فهو سيء أو غبي.

لذا من الجيّد أن تتوقف عن شرح الأشياء التي يعرفها الناس بالفعل وعن مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم و عن الشك في كون محدثك لا يعرف شيئًا.

اعترف باحتمالية كونك مخطئًا أو تفتقر إلى المعلومات. تعرف على حدودك وعبر عن أفكارك بعبارات مثل: "حسب اعتقادي"، "الموضوع كما أراه" ، "وفقا لتجربتي"، أو "في رأيي".


9. علم وكن منفتحا على التّعلّم

يتحلى المعلمون الجيدون بالصبر والكرم ويمنحون الناس مساحة لاكتشاف الأشياء وفقًا لسرعتهم الخاصة. إنهم لا يغضبون من شخص ما لأنه لا يعرف شيئًا. الأهم من ذلك  لا يخطئ المعلمون الجيدون في اعتبار "غير المطلعين" أغبياء. يمكن للأشخاص الأذكياء تصديق الأفكار المضللة وهذا لا يجعلهم أقل ذكاءً. هذا يعني أنهم قد يمتلكون فجوات في معرفتهم بموضوع ما مثل أي شخص آخر أو أن المصادر غير موثوقة. الذكاء والمعرفة مختلفان لذا لا تخلط بين الاثنين. كن منفتحا على التعلّم أيضًا. عندما نتحدث إلى شخص ما، فإن قول أشياء مثل "لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة أبدًا" أو "هذا جديد بالنسبة لي وسأقرأ عن ذلك" يدل على أنك منفتح لتعلم ومعرفة أشياء جديدة. تبادل المعلومات في اتجاهين يخلق ديناميكية. ومن المرجح أن ينفتح الناس أكثر عندما يتحدثون إلى شخصر لا يزال في رحلة تعلم.

 الخلاف البنّاء يستحق الجهد الذي نبذله خلاله. من الممكن بالفعل إجراء محادثة مع أي شخص تقريبًا حول أي موضوع دون أن نغضب أو نشعر بالاستفزاز. ومع ذلك، فإن الأمر لا يحدث بطريقة سحرية بل هو عمل صعب يتطلب مهارات وجهدا وشجاعة. ومع ذلك، فإنه يستحق كل هذا العناء ، لأننا نحتاج إلى الاختلاف بطرق جيدة حتى نبني مجتمعات قوية.

تذكر أننا لا نستطيع التحكم في الآخرين ولا يمكننا أن نقرر من الذي يجب أن يتفق معنا ومتى وإلى أي مدى. لكن يمكننا بناء الجسور  للتواصل بدلاً من هدمها.

إرسال تعليق

Post a Comment (0)