"الطفل الدّاخلي" هو أحد المفاهيم التي تستخدم دائما، لكنّ التفكير فيها مربك قليلا. يشار إليها بطرق مختلفة ك"نموذج الطفل الأصلي" و "الطفل من الداخلّ و "الطفل العجيب" و "الطفل الجريح".
لكن ماذا تعني هذه التّسميات؟ و كيف يساعدك شفاء "الطّفل الداخلي" على تحقيق تغييرات إيجابيّة في حياتك؟
ستجد في هذا المقال شرحا لمعنى "الطفل الداخلي" و 5 تمارين فعّالة تساعدك على شفاء جروح "طفلك الدّاخلي".
ماهو "الطفل الداخلي"؟
لا يشير مصطلح "الطفل الداخلي" إلى جزء مخصص للأفكار الطفولية في دماغك. بدلا عن ذلك يوجد الطفل الداخلي باعتباره جانبا طفوليا داخل عقلك اللاواعي. وهو يعكس الطفل الذي كنت عليه في السابق في كلا جانبيه الإيجابي و السّلبي.
تبقى إحتياجاتنا التي لم تُلبّى، و مشاعرنا الطفوليّة المكبوتة، و حماستنا الطبيعيّة، و الإبداع داخلنا، تنتظر. تشير المشاعر المكبوتة إلى الأشياء التي تعلمت كطفل ألّا تشعر بها إن كنت تريد أن تكون محبوبا. نتيجة ذلك تتلقى الإهتمام عندما تظهر طاعتك فقط.
لا يمكن تفادي ذلك خاصة عندما يفرض الآباء و التعليم و المجتمع قواعد و معايير تساعدنا على الرقيّ إلى المستوى المطلوب من المجتمع و لنكون فاعلين فيه. في الواقع، من الجيّد حدوث ذلك فكل تلك القيود تجعلنا نفهم حدودنا لننمو كبشر. لكن نتيجة ذلك يتمسك طفلك الدّاخلي بالحزن و الغضب و الصدمة التي نتجت عن الإحساس بالرّفض.
في ما يلي أمثلة بسيطة عن الأشياء التي نتعلمها منذ الصغر و تجعلنا نشعر بالرفض:
- "من الأفضل ألا تقول ما تعتقده حقا."
- " لا تحاول أن تحصل على تلك الترقية فأنت لست ذكيا كفاية."
- "عليك أن تجعل والديك سعداء."
يجعلك التواصل مع الطفل الداخلي تركّز على إخراج تلك المشاعر إلى نور الوعي لكي تستطيع أن تجد الأسباب الأساسية للتحديات التي تواجهها كشخص راشد.
ستجد أدناه 5 تمارين فعّالة لتساعدك على شفاء طفلك الداخلي. لكن إليك أولا ملاحظة صغيرة عن كارل يونغ الذي إبتدع المصطلح. يقال أنّ يونغ إبتدع مصطلح " الطفل الدّاخلي" ليتمّ إستخدامه كمفهوم لإستكشاف التحديات التي تواجهك في النمو و في تطوير شخصيّتك.
و على هذا الأساس يبقى "الطفل الداخلي" داخلك مشكّلا جزءا من الوعي كصور. و لهذا تأثير على كيفية تفاعلك مع العالم الخارجي.
"الطفل الداخلي" هو شيء مستقل بذاته و مخفيّ داخلك.
قد يهمك: 5 أسباب نفسية تجعلك غير واثق من نفسك
كيف تعرف ما إذا كان لديك طفل داخلي مجروح؟ كيف تعرف ما إذا كانت صدمات الماضي تؤثّر عليك بشدّة اليوم؟ هل يرتبط ذلك بطفلك الدّاخلي؟
إليك بعض العلامات التي تشير إلى إحتمال وجود طفل داخلي مجروح:
- تشعر بوجود شيء خاطئ داخلك في أعماقك. تشعر بالقلق عندما تخرج من منطقة الراحة الخاصّة بك.
- أنت تطمح لقبول الناس.
- ليس لك إحساس قويّ بهويتك و شخصيّتك.
- تشعر بالراحة عندما تكون في خصام مع من حولك.
- تكتنز أشيائك و مشاعرك و الناس أيضا و تجد صعوبة في التخلي عنها.
- تشعر بأنك غير ملائم.
- تنتقد نفسك بإستمرار لعدم الكفاءة التي حدّدتها لنفسك.
- لا تسامح نفسك و لا ترحمها.
- تجد صعوبة في الإلتزام و في إعطاء الثقة.
- تتمسك بالعلاقات حتى الضارّة منها.
هناك العديد من العلامات الأخرى الدالة على طفل داخلي مجروح. في الحقيقة جميعنا لنا صدمات من الماضي تحتاج معالجة مهما كانت صغيرة.
قد يهمك: 10 طرق لتتخلّص من الأفكار الغير صحية!
في ماذا يتمثل شفاء الطفل الداخلي؟
إنّ شفاء الطفل الداخلي أو عمل الطفل الداخلي جزء أساسي من العمل الداخلي و العلاج النفسي أو العملية الروحية لتغيير ذاتك، لتصبح الشخص الذي تريد أن تكون. يقوم شفاء الطفل الداخلي بإعادة وصلك بالعناصر المجروحة لطفلك الداخلي.
وفقا للمستشار النفسي الروحي ماتيو سول:" إن عمل الطفل الداخلي هو عملية الإتصال و الفهم و تقبّل الطفل الداخلي. يمثّل طفلك الداخلي ذاتك الأصليّة منذ دخولك في هذا العالم و يحتوي على قدرتك على تجربة التعجّب و الفرح و البراءة و الحساسيّة و المرح."
تسمح لك هذه العمليّة بالإتصال بأجزاء ذاتك المجزّأة حتى تتمكّن من إكتشاف أساس هواجسك و مخاوفك، و الإحساس بعدم الأمان، و ميولاتك التدميرية لذاتك.
عوضا عن مجرد إيجاد أعراض الألم و النّظر إليها، سيساعدك شفاء طفلك الداخلي على التعامل مع مشاكلك من الأساس مباشرة، و بالتالي تتعامل معها بفعالية أكبر.
قد يهمك: الكتب الـ 5 التي يوصي الملياردير بيل جيتس بقراءتها في الصيف
كيف تعالج طفلك الداخلي؟
في أعماقنا تكمن ذكريات التجارب التي مررنا بها كأطفال. تعيش معنا هذه الذكريات و تتفاعل مع الوقت الحاضر.
الطفل الداخلي هو مصدر حيويّتك و إبداعك، و بناء علاقة معه تساعدك على علاج المشاكل العاطفية التي نتجت عن عدم إحترام هذا الجزء من ذاتك في حياتك كراشد.
هناك العديد من الضغوطات في حياتك كراشد، و التي تهدّد بإطفاء شعلة ذلك الطفل الداخلي الذي يعيش داخلك. يمكنك أن تحارب هذه الضغوطات عن طريق التواصل مع مصدر طفولتك.
إليك 5 طرق لتتواصل معه مباشرة:
1. أعد التواصل مع طفولتك
السفر عبر الزمن هي أحدى الطرق للعودة إلى طفولتك. يمكنك أن تقوم بذلك عن طريق كتابة قائمة بالأشياء التي كانت تجلب لك السعادة عندما كنت صغيرا. إقضي بعض الوقت في إسترجاع ذكرياتك كما لو كانت تحدث اليوم.
2. حدّد طفلك الدّاخلي
هناك أنماط مشتركة للطفولة لدى معظم الناس. تعرّف على الأنماط التي تتماشى معك لتعرف مستقبل حياتك اليوم. إليك الأمثلة التي تعرضها "WikiHow":
- الطفل المهمل: ينشأ هذا الطفل الداخلي عادة من عدم الحصول على الإهتمام الكافي من الوالدين. قد يكونان مشغولين بالعمل أو قد يكون بسبب الإهمال المتعمّد و العنف الذي يسلّطانه على الطفل.
- الطفل المرح: هذا الطفل بصحّة جيدة و يهمل في أغلب الأحيان في المراهقة. هل تتذكر عندما كنت مرحا و تلقائيا و تستمتع دون أن تشعر بالقلق أو الذنب؟
- الطفل الخائف: تلقّى هذا الطفل الكثير من النقد و تعرّض للكثير من تجارب القلق بسبب عدم قبوله من الآخرين.
3. أكتب رسالة لطفلك الدّاخلي
يمكنك أن تقوم بهذا على شكل إعتذار إن كنت تعيش حياة لا يفتخر بها طفلك الداخلي، أو يمكنك أن تكتب رسالة بسيطة تفسّر فيها أنك ترغب في بناء علاقة أقوى مع طفلك الداخلي في حياتك اليوم.
4. إنتبه لمشاعرك
طفلك الداخلي حسّاس و ضعيف. من المهم أن تنتبه لمخاوفه و إحساسه بعدم الأمان، بالإضافة إلى سعادته و مشاعر البحث و التساؤلات عند الإتصال مع الطفل الداخلي. إسأل نفسك طيلة اليوم:" ماهو شعوري الآن؟"
5. إنتبه للنّاقد الداخلي
أحد أكبر التحديات التي يمكنك أن تواجهها في قضاء الوقت مع طفلك الداخلي هو أن تشعر أنك أحمق لفعل ذلك. قد تشعر بأنه من الغباء و السّخافة أن تتواصل مع المشاعر التي عشتها في الصغر. ما يسبب هذا الشعور هو الناقد الداخلي. من المهم أن تستمع إليه كما تستمع إلى طفلك الداخلي. تستحق كل الأصوات بداخلك أن تُسمع و من الإستماع إليها تعطيها فرصة لتشكّل ما تشعر به اليوم.
إرسال تعليق