هل يجب أن ننفصل عن أحبائنا لننضج أكثر؟

هل يجب أن ننفصل عن أحبائنا لننضج أكثر؟

مرحبا بكم أيها الرائعون: 

"الحب المثالي هو أن تحب الإنسان الذي سبب لك التعاسة"-سورين كيركجارد

في الثقافة الغربية الحديثة، قد تكون فكرة الإرتباط بشخص واحد لمدى الحياة فكرة غير عصرية و محل تنذر. و السؤال القديم الذي كان يطرح في خمسينيات القرن العشرين عندما يظهر توتر في علاقة زوجية ما و الذي كان: " هل يمكن إنقاذ هذا الزواج؟" تحول في أيامنا هذه الى "هل يجدر بنا إنقاذ هذا الزواج؟"، و أصبح ملايين الناس يرون في الغالب أن الاجابة تكون بالنفي. و الطريف هنا أن العديد من الناس أصبحوا يرون الطلاق فرصة لبلوغ النضج العاطفي. و طبقًا لهذه الرؤية لا ينضج الناس و تتحسن حياتهم من خلال علاقتهم الزوجية و إنما يحدث هذا فقط عندما تنهار هذه العلاقة. فهم يعتقدون أن إنهيار العلاقة سوف يفتح أعين الأزواج على سلوكياتهم المدمرة و يمنحهم الفرصة لكي يعالجوا هذه المشاكل في علاقة جديدة مع شريك جديد. و لكن هؤلاء الأزواج اذا لم يتمكنوا من فهم تلك الرغبات اللاوعية التي ادت الى تلك السلوكيات التي دمرت علاقاتهم الزوجية الاولى، و تعلموا أن يتدركوها مع الشريك الجديد، فإن هذه العلاقة الجديدة محكوم عليها بنفس مصير العلاقة الاولى. و لهذا فإن الإعتقاد بأن النضج و التغير الى الاحسن يحدث فيما بين العلاقات الزوجية المتوالية هو اعتقاد وهمي، و الاغلب أن الالم الذي يعاقب انهيار كل علاقة زوجية هو الذي يدفع المرء الى التغيير من عداته و سلوكياته الى عادات و سلوكيات اخرى.

و الطريف هنا انني كلما تعمقت في الدراسة السيكولوجية العلاقات العاطفية، وجدتني انحاز الى المبادئ اكثر تحفظا في العلاقات الزوجية. و بدأت أعتقد أنه يتعين على الزوجين أن يفعلوا كل ما بوسعهما لكي يلتزما بنذور زواجهما، بأن يضلا معا "حتى يفرقنا الموت" و لا يكون هذا الأسباب أخلاقية بقدر ما هو لأسباب تتعلق بالصحة النفسية: فالإخلاص و الالتزام هما في رأيي مفهومان يمليهما العقل اللاواعي على الانسان.

لقد اصبح الطلاق منفذ للهروب من مواجهة الحقيقة -مشاعرنا الداخلية و الواقع- .
سواء كنت في علاقة او متزوج إن شريكك هو إنعكاس لعيوبك و محاسنك، مخاوفك و نقاط ضعفك و إن الهروب من ذلك و اللجوء للإنفصال لن يغير شيء ما دمت أنت لم تعي و لم تنضج.
حاليا نسمع في مطارح كثيرة إن الإنفصال يؤدي للنضج، و أن الخروج من علاقة نعمة و بهذا سنصبح أقوى و أكثر وعيا...لكن ليس الفراق هو ما يجعلنا أكثر وعيا بل ألم الفراق الذي يؤدي بنا الى النظر في داخلنا و الرغبة في التحسن اما على المستوى النفسي او المادي و الذي يتبعه رغبة في الانتقام و الإثبات للآخر ما خسره.
لكن ألاتلاحظون معي أننا نتبع طريق الألم للتغيير، أننا نجعل من الألم و الوجع حافز لنتغير، لقد كنا سابقا مدركين لعيبونا لكننا لم نقم بتغييرها، بطريقة او اخرى نحن من كنا نطالب في أن يحل الألم في حياتنا ليكون حافزا لنا للتطور. أظن أنه بعد اليوم لا يوجد لنا مبرر في القول أن الحياة قاسية او أن الله قاسي..فنحن من طالب بالألم كمحفز لتغيير عداتنا و سلوكياتنا السلبية.
كلنا نستطيع العيش بدون شخص معين فلنا أحباء تحت التراب و عايشنا موت من حولنا مرات عديدة لذا جملة لا استطيع العيش بدونك لا تدل على الحب و كلنا نستطيع العيش بدون شخص معين، لكن هل سنتحسر عليه و هل سنبقى نادمين على فقدانه؟ هنا يظهر الحب الحقيقي .

إرسال تعليق

Post a Comment (0)