لماذا أنا موجود؟ الهدف من الحياة ليس السعادة بل الإزدهار!

لماذا أنا موجود؟ الهدف من الحياة ليس السعادة بل الإزدهار!



على الرغم من كل جهودنا  للحصول على إجابة عبر العصور لا يزال لدينا نفس السؤال الوجودي، ألا وهو، لماذا أنا موجود؟
علينا أن ننظر إلى أعماقنا و دواخلنا لنجيب على هذا السؤال، و لنعرف جوهر كيفية و سبب وجودنا. لا يمكنك أن تجد الإجابة إلّا إذا نظرت داخلك.
يقول الفيلسوف كارل يونغ:" ستصبح رؤيتك واضحة فقط عندما تتمكّن من النّظر الى قلبك. من ينظر إلى الخارج يحلم، من ينظر إلى الدّاخل يستيقظ." في الواقع، أن يقال لك كيف تعيش أسهل بكثيرمن أن تقرّر كيف تعيش بنفسك. لكنّك تحتاج أن تحدّد هدفك بنفسك.
قال الرّوائي الرّوسي فيودور دوستويفسكي:" إن سرّ الوجود البشري لا يكمن فقط في البقاء على قيد الحياة، بل في العثور على شيء تعيش من أجله." 
في الواقع، دون رؤية واضحة و هدف، يندثر الجنس البشري. إنه صراع  البحث، و الدّافع من أجل شيء يعطي معنى أكبر للحياة. دون مستقبل تسعى من أجله تندثر البشريّة بسرعة.
و بالتالي، ليس الغرض من الحياة هو أن تكون سعيدا، بل أن ترى إلى أي مدى يمكنك أن تصل. عليك أن تكون فضوليّا و تكتشف حدودك الشخصيّة.

كيف تعرف حدودك؟
فقط أنظر حولك ، كل شيء في هذا الكون إمّا ينمو أو يموت. إذا لماذا تعتقد بأنّك مختلف؟
يقول الدكتور غوردون ليفينغستون بأنّ البشر يحتاجون إلى ثلاثة أشياء ليكونون سعداء وهي:
-شيء ليفعلونه.
-شيء ليحبّونه.
-شيء يتطلّعون إليه.
و قال فيكتور فرانكل في هذا السياق أنّ:" النّجاح، مثل السّعادة، لا يمكن السّعي وراءه. إنّه نتاج ذلك. ويكون كذلك فقط كأثر جانبي غير مقصود، نتيجة تفاني الشّخص من أجل هدف أكبر من ذاته، أو نتيجة إستسلام شخص آخر غيره هو."
إذا فالسعادة ليست سببا، بل نتيجة. هي نتيجة العيش بإستقامة. وهي ما يحدث عندما تعيش حياتك اليوميّة بهدف و بأحقّية.
هذا المقال وسيلة لمساعدتك لتصل إلى تلك النقطة.

1.تحتاج إلى شيء تفعله
حسب الكاتب كال نيوبورت فإنّ معظم الناس مرتبكون و مشوّشون حول ما يتطلّبه الأمر من أجل عيش حياة شغف و إنسجام.
يعتقد أغلب الناس مثلا أنّ الشّغف شيء يجب أن يسعوا وراءه و يبحثون عنه، و أنّهم إن كانوا مجبرين على عملهم، فإنّهم لا يحبّون ما يقومون به.
في الحقيقة، ما تقوم به ليس مهما بقدر أهميّة تأثيره على الآخرين. كما يقول نيوبورت:" إن كنت تريد أن تحب ما تقوم به تخلّى عن عقليّة الشّغف(ما الذي يقدّمه لي العالم؟) و عوضا عن ذلك تبنّى عقليّة  الحرفيّ(ما الذي يمكن أن أقدّمه للعالم؟).
في الواقع، بدلا عن البحث الأناني عن حياة تثير شغفك، عليك أن تفكّر في تطوير مهاراتك و إنتاجيّتك و قدراتك التي يمكن للآخرين الإستفادة منها. عندما تتخطّى نفسك، تصبح مهاراتك و قدراتك ليست مجرد أجزاء من شخصيتك، بل تصبح جزءا من شيء أعظم وهو ما يعطي معنى لحياتك.
عندما تبدأ برؤية عملك على أنّه تأثير على حياة الآخرين، ترتفع ثقتك بنفسك. و كلّما إرتفعت ثقتك بنفسك تبدأ في الإستمتاع بعمق بما تقوم به، و تصبح أكثر تفاعلا معه، و تبدأ أخيرا برؤية عملك كواجب أو مهمّة.
و بالتالي فإنّ الكثير من النّاس الذين يعملون في مهن لها تأثير عميق على حياة الآخرين، كالأطباء و الأطباء النّفسيين أو المعلمين، يحبّون عملهم. يقول نيوبورت بأنّ:" ما تفعله من أجل لقمة العيش أقلّ أهمية بكثير من كيفيّة قيامك به." أو بعبارة أكثر بساطة، ليس عليك أن "تجد" أو " تتّبع" شغفك، بل شغفك هو الذي يتّبعك، وهو نتيجة عقليّتك و سلوكك و ليس العكس.
لكي تعيش في هذا الواقع، عليك أن تدرك بأنّ حياتك لا تدور حول نفسك فقط، بل أكثر من ذلك بكثير. يتعلّق الأمر بالعطاء بالمقابل و بالعثور على شيء تحبّه.

2.تحتاج إلى شخص لتحبّه
"لا يمكننا عمل الكثير بمفردنا، معا يمكننا القيام بالكثير." هيلين كيلر
وفقا لأبحاث علم الأعصاب، كلّما أحببت شخصا أكثر، يُحبّك أكثر. وهذا معقول تماما، فلكلّ منّا نفس الإحتياجات. من طبيعة البشر أن يرغب في الحبّ و الإنتماء. 
نتّخذ علاقاتنا كأمر مُسلّم به. نسمح لإنشغالنا بالحياة أن يطغى على إستثمارنا في العلاقة. لكن، إن كنت حقا تحبّ شخصا ما فستُظهر ذلك. ستتوقّف عن الأنانيّة و تكون كما تريد أن تكون من أجل ذلك الشخص.
لا يتعلّق الأمر بالعلاقات العاطفية فقط، بل بجميع أنواع العلاقات. لا يغيّر الحب المتلقّي فقط، بل الواهب أيضا. و على الرغم من قوّة و عظمة الحبّ، فإنّ وجود شخص تحبّه فقط ليس كافيا. لا يزال عليك أن تعيش أحلامك و رغباتك.
يقول غرانت كاردوني:"تذكّر أنّه لا يمكن لإنسان واحد أن يجعلك سعيدا بما يكفي لتحقق أحلامك و أهدافك التي تمتلكها قبل أن تلتقي به."

3.تحتاج إلى شيء تتطلّع إليه
تقول الأبحاث بأنّنا كأشخاص نكون أكثر سعادة، في إنتظار حدث ما، من أن نعيش الحدث الفعلي.
لذا فأنت تحتاج إلى رؤية. تحتاج شيئا تتطلّع إليه. تحتاج هدفا تبذل من أجله مجهودا واعيا و يوميّا. تيقّن بأنّ الرّؤية هي التي تعطيك معنى لا الهدف. لذا بمجرّد الوصول إليه تحتاج إلى آخر. وهذا شيء عليك ألا تتوقّف عن القيام به.
يقول دان سوليفان:"نبقى صغارا لدرجة أن  تكون طموحاتنا أعظم من ذكرياتنا."
-ماهي رؤيتك الآن؟
-ماهي الوجهة التي تريد أن تتّخذها؟
-من تريد أن تكون؟
-ماذا تريد أن تفعل؟
-مع من تريد أن تفعله؟
-كيف يبدو يومك المثالي؟
من الصعب ألّا تفكر في هذا الأمر من منظورك الآن، بدلا عمّا تريد أن تكون. يصبح الكثير من الناس مقيّدين بالأهداف التي يمكنهم رؤيتها في الماضي. و مع ذلك عليك ألّا  تدع الظروف الحالية تمنعك من إنشاء شيء أعظم بكثير مما حققته في الماضي.
يقول هال إلرود:" مهما بدا المستقبل كوهم لك الآن، فهو ببساطة حقيقة مستقبليّة لم تُنشئها بعد."
في الواقع أنت المصمّم و الصّانع لتجربة حياتك. يجب أن تكون كلّها جريئة و حماسيّة.

إذا ماهي وجهتك القادمة؟
يقول يوفال نوا هراري:" ليست التكنولوجيا سيّئة. إن كنت تعرف ما تريده في الحياة، يمكن أن تساعدك التكنولوجيا في الحصول عليه. لكن إن كنت لا تعرف ما تريده في الحياة، سيكون من السهل أن تحدد التكنولوجيا أهدافك عنك و تتحكّم بحياتك." و يقول كال نيوبورت :" بمجرد أن بدأت بالقيام بشيء يفيد حياة الآخرين بدأتُ أستمتع بعمق بما أقوم به، و أصبحت الكتابة سريعا شغفا." 
يقول ستيف جوبز:"لا يمكنك أن تربط النقاط و أنت تنظر إلى المستقبل، يمكنك أن تربطها فقط و أنت تنظر من الماضي. لذا عليك أن تثق بأنّ النقاط ستتصل بطريقة ما في المستقبل." هذا يعزّز فكرة رئيسية وهي أنّه بإمكانك أن تتحكم بمصيرك و كل ما عليك فعله هو أن تتّخذ قرارات صائبة ليكون الأفضل.
يمكنك أن تقول بأنّ كل لحظة على هذا الكوكب تطرح سؤالا و تتطلّب منك إتّخاذ قرار و يعتمد مصيرك على الأفعال التي تتّخذها للإجابة عن كل تلك الأسئلة. 

إرسال تعليق

Post a Comment (0)