"الحزن يضعف القلب، و يوهن العزم، و يضرّ الإرادة، و لا شيء أحب إلى الشّيطان من حزن المؤمن." إبن القيم.
التعبير عن المشاعر صعب و لا ينصح به في مجتمعاتنا. يعتمد الناس على منطقة الراحة و قناع آمن لقضاء اليوم. قد تشعر بأن مشاعرك مضطربة و تتساءل:" لماذا أشعر بالحزن؟" و لا تعلم بما ستبدأ لتجيب عن ذاك السؤال.
بطريقة ما، ينظر الناس للحساسية باحتقار. بما أن الإحساس المبالغ فيه غير مقبول من المجتمع، نتجاهل إشارات التحذير للحزن و الإكتئاب و أنواع أخرى من المعاناة، فهي كالوصمة التي تمنعنا من التعبير عن مكنوناتنا.
علينا ألّا نخاف من ذلك، لأنه مع التّنفيس أو التّصريح بالمشاعر، نصمد و نتعرف على ما نريد أن نكونه. الحزن هو فقط أحد الأحاسيس الكثيرة التي تراودنا، لكنه أكثر المشاعر التي نتجاهلها، لأننا لا نريد أن نبدو ضعفاء للآخرين و حتى لأنفسنا.
يؤدّي تجاهل الشعور بالحزن إلى الكبت و قد يؤدي إلى الإكتئاب أيضا.
هناك إختلاف بين الحزن و الإكتئاب. الحزن هو إحساس، لكنّ الإكتئاب قد يؤدي إلى التخدّر، و فقدان الإحساس، و الحزن العميق، أو الثقل التي يصعب جدا التّعامل معه. يمكن أن تستعمل جميع الطرق التي تستعملها لتخطّي الحزن، لكن قد لا تنفع هذه الطرق إن كان إكتئابا.
عادة، يكون الإحساس بالحزن عابرا و يكون بسبب شيء معين، لكن الإكتئاب يعلق معنا لفترات طويلة. نشعر خلالها بأننا عالقون داخل دوامة لا نستطيع الخروج منها مهما حاولنا و يمنعنا خوفنا من طلب المساعدة.
عندما تشعر بالحزن تشعر بالوحدة غالبا، و تشعر بالعجز و كأنها نهاية العالم بالنسبة لك، و أنك لا تستطيع الإستمرار و مواصلة الحياة. الإكتئاب هو الشعور بحزن عميق، لكن هذا الشعور يسيطر على عقلك و تصرفاتك.
قد يكون شعورك بالحزن مجرد منعطف تتخذه في حياة مليئة بالإضطرابات. أي إتجاه أتّخذ؟ ما القادم؟ ما الشيء الذي يستحقّ أن نتمسّك به؟
هل تجد نفسك تختبئ من العالم بسبب الخجل و الحيرة و الإضطراب؟
هل تجد أنك تشعر بالفراغ و الخواء حتى بعد أن بكيت طويلا؟
هل تشعر بالضّياع؟
هذه هي النقاط الأساسية للشعور بالحزن و الإكتئاب. قد تتمكن من التّعامل مع الحزن، لكن إن طال الأمر قد يصبح إكتئابا يصعب التّعامل معه.
أطلب العون من أخصائي نفسي لكن كبداية حاول أن تفهم أسباب ما تشعر به و قد تجد الحل.
إليك 6 أسباب محتملة تجعلك حزينا عليك ألا تتجاهلها.
1.نقص في المساعدة
نحتاج أن يعرفنا الناس على حقيقتنا. نحتاج لحظات من الحساسيّة و الإنفتاح و التّصريح لبعضنا البعض لنشعر بالأمان و الإطمئنان. عندما نكون قادرين على إخبار الآخرين بما نشعر به نشعر بنوع من الوضوح و الرّاحة.
نشعر بأننا ملزمون بأن نكون أبطالنا، وأنّه علينا التمسك لا الإستسلام و السماح لأنفسنا بتلقي المساعدة. لكن هذا يزيد من الإحساس بالحزن و الكآبة فننفصل تماما عن أحبابنا.
نشعربالإرتباك بسبب قدرة الآخرين على الإبتسام و المضي قدما و القدرة على الإنتاجية. لكنها غالبا ليست حقيقتهم. عندما ترتفع نسبة الشعور بالكآبة علينا أن نخبر أحدا نشعر بالراحة في وجوده، و نحاول أن نبني نظام مساعدة. قد نكتشف بأنه هناك الكثير من الأشياء التي تتشابه مع شخصيتنا و ما نشعر به.
جد أشخاصا بإمكانهم مساعدتك كالأخصائي النّفسي و الأصدقاء و العائلة. يمكنك أن تتواصل معهم كلما واجهت أزمة نفسية. إفسح لهم المجال للدخول إلى عالمك و مساعدتك على الخروج من الأحاسيس المضطربة التي تشعر بها لأن هذه المشاعر ليست ضعفا. الشعور بالحزن ليس ضعفا. الضّعف هو أن تكبح نفسك نيّة الظهور قويا. قد يساعدك الناس بشكل أفضل عندما يعلمون ما تمرّ به.
يقول جون دون:" الإنسان ليس جزيرة."
2.عدم القدرة على التعبير عن الإحتياجات
عندما تكون حزينا جدا تجد صعوبة في التعبير عما تحتاجه للآخرين. لكن الحزن لا يتكون في يوم و ليلة. في كثير من الأحيان يعود الضغط أقوى و أعمق. نتوقع من الآخرين أن يفهموا ما نشعر به دون أن نعبّر عن ذلك. لا نعطيهم فرصة التّعرف على حقيقتنا لأننا نخاف من أن نُرفض.
لا تتوقف الإحتياجات على الأكل و المشرب و الملبس و غيرها. هناك أيضا التفهّم و التّعاطف و الطّمأنة و التّقوية و الأمل. عندما تسمح لنفسك بالضّعف سيوفّر الناس لك هذه الإحتياجات و يبدأ كل هذاعندما تتشارك إحتياجاتك.
ربما تم رفض ترشّحك من أجل ترقية أو تعاني بسبب عنف تعرّضت له في صغرك أو تم تجاهلك في الحياة بسبب ضعف قدرتك على التّواصل. كل هذه الأشياء لا تحدّد ما أنت عليه في الحقيقة. ما يحدّد هويتك هو طريقة تعاملك مع هذه الأشياء والدروس التي تعلّمتها.
لكي تتشارك إحتياجاتك، أكتب قائمة بقيمك و أهدافك و كل ما تمتنّ لإمتلاكه، و كلّ ما تريد أن يساعدك عليه النّاس بخصوص هذه المجالات. ثم إصنع خطة لطلب العون. إسمح للآخرين برؤية القائمة و أترك لهم المجال لإختيار طريقة لمساعدتك.
3.فقدان الهوية
تصبح هويّاتنا مغلّفة بما نريد أن يفكّر الناس فيه عند رؤيتنا. عوضا عن الإختباء في نفس دوّامة الحزن، كن منفتحا على العالم و تقاسم ما تمرّ به.
لن يجعلك إرتداء قناع القوّة تبدو أصيلا، و لن يكون هذا قاعدة جيّدة للوصول إلى النّجاح. لن تستطيع أن تكون سعيدا لن تعرف إحتياجات الآخرين و هويّاتهم و لن تستطيع أن تساعد أحدا في فترات ضعفه، و ستكون عاجزا تماما على تقديم العون. ستخدّرك آلامك و لن ترى آلام الآخرين.
ما عليك فعله هو أن تتخلّص من ذلك القناع، لكي لا تدع لتلك الكآبة أن تمتصّ كل طاقتك و تجعلك معزولا و وحيدا.
4.المصاعب
لا تحدّد المصاعب التي نمر بها هويّتنا. لكننا نستغرق وقتا للشّفاء منها. لا تحاول جعل العمليّة سريعة. شعورك بالحزن في المواقف الصعبة يجعلك تتعلّق بما خسرته و يعطي معنى لذلك الشيء. إنفتاحك يجعلك تتخطى الأمر بشكل أسهل.
أترك مجالا للألم، و مجالا للشفاء، و مجالا لمساعدة الآخرين لك.
5.الرسائل السّلبية
لا يعبّر حزنك على حقيقتك أو قيمتك، هو فقط يعبّر عمّا ترسله لنفسك من رسائل. تنفّس و أتح مكانا للموجات الإجابيّة في يومك. أنت تستحقّ أن تكون سعيدا.
أثبتت الدراسات أن التحدّث مع نفسك بسلبيّة مرتبط بالإحساس العالي بالضغط و تدهور مستوى إحترام الذات.
6.عدم القدرة على التركيز و إيجاد وجهة و دافع
قد يكون سبب حزنك بسبب عدم القدرة على التركيز على شيء ما، أو إتخاذ إتجاه معين، أو عدم القدرة على إيجاد دافع. قد تكون حياتك رائعة، لكنّك لا تعلم ما الشيء التّالي الذي عليك القيام به. قد تكون غير مقدّر لما تمتلكه الآن و تعتبره من المسلّمات.
قد يكون عدم إمتنانك لما تمتلكه سببا في تعاستك و يمنعك من رؤية الأشياء الجيّدة في حياتك.
إختر. إتخذ قرارات، و قم بما عليك القيام به. قد يبدو هذا بسيطا لكن محاولة إيجاد الدافع الذي جعلك تتخذ مسارك الحالي أمر صعب، لذا عليك أن تستجمع طاقتك كلها من أجل إستعادة ذلك.
إرسال تعليق