ملخص كتاب قوة التحكّم في الذات للدكتور إبراهيم الفقي

ملخص كتاب "قوة التحكّم في الذات" للدكتور إبراهيم الفقي 


ملخص كتاب "قوة التحكّم في الذات" للدكتور إبراهيم الفقي
ملخص كتاب "قوة التحكّم في الذات" للدكتور إبراهيم الفقي 

عندما كان عمره شهران وقع الفيل الأبيض في فخ الصيادين في افريقيا و بيع في الأسواق لرجل ثريّ يملك حديقة حيوانات , وضع المالك الفيل الصغير في بيته الجديد و أطلق عليه اسم "نيلسون" , قام عمّال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قويّة و في نهاية هذه السلسلة قاموا بوضع كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الصلب.
شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء المعاملة القاسية لكنّه كلّما حاول تحرير نفسه و شدّ السلسلة الحديدية كانت الاوجاع تزداد قوّة. كان كلّ يوم يستيقظ و يفعل نفس الشيء لتخليص نفسه و لكن بلا جدوى حتى يتعب و ينام. قرّر نيلسون بعد محاولاته الفاشلة أن يتقبّل الواقع و لم يحاول تخليص نفسه مرّة أخرى و بذلك استطاع المالك الثريّ أن يُبرمج الفيل تماما.
 و في احدى الليالي كان نيلسون نائما عندما ذهب المالك و قام بتغيير الكرة الحديدية الى كرة خشبية صغيرة ممّا كان من الممكن أن يُخلّص الفيل نفسه بسهولة . لكن لقد حدث العكس , فقد تبرمج الفيل على انّ محاولاته ستبوء دائما بالفشل و تسبّب له الآلام و الجروح , رغم قوّته فقد تبرمج تماما بعدم قدرته على استخدام قوّته الذّاتية.
ما هي رسالة هذه القصّة؟

معظم النّاس يتبرمجون منذ الصغر على التصرّف بطريقة معينة و التكلّم بطريقة معينة و الشعور بأحاسيس سلبية من أسباب سلبيّة و استمرّوا في حياتهم بنفس التصرّف تماما مثل الفيل نيلسون.
و أصبحوا سُجناء برمجتهم و اعتقاداتهم السلبية التي تقف أمام تحقيقهم لما يستحقّون. فنجد نسب الطّلاق تزداد و الشركات التجارية تغلق أبوابها و الأصدقاء يتخاصمون و ترتفع نسبة الإصابة بالامراض النفسية و العُضويّة.
كلّ هذا سببه واحد و هو البرمجة السلبيّة لكن هذا الواقع من الممكن تغييره لمصلحتنا لكن هذا التغيير يجب أن يبدأ بخطوة أولى و هو أن تُقرّر التغيير .
إنّ هذا الكتاب ليس فقط للقراءة و لكن لكي يُستخدم .. فعندما تضع المعلومات الموجودة في هذا الكتاب قيد التنفيذ ستجدُ أنّ حياتك تحوّلت من سجن السلبيّات إلى حرّية الإيجابيات و السعادة و النّجاح.

فهيّا نبدأ رحلتنا إلى قوّة التّحكّم في الذّات.

الفصل الأوّل : التّـــــــــــــحــــــدّث مع الــــــذّات

يقول "جيمس آلان" :
 انت اليوم حيث أوصلتك أفكارك و ستكون غدا حيث تاخذك أفكارك.
هل تسمع أحيانا صوتا يأتيك من داخلك كما لو كان هناك شخصا يتحدّث اليك؟
هل حدث أنّك أردت الاستيقاظ باكرا حتى تقوم بعمل شيء ما و سمعت صوتين داخلك؟ أحدهما يحثّك على النهوض و الآخر يشجعك على أن تواصل نومك في الدفئ و الرّاحة؟ تُرى.. أيّ الصوتين كان الفائز؟
دعني أسالك .. هل أحيانا تتحدّث مع نفسك؟ كلّنا كائنات تتكلّم و تُفكّر و هذا لن يتوقف طالما نحن أحياء..

في كتابه "كيف توقف القلق و الاحاسيس السلبية" يقول ديل كارنيجي أنّ أكثر من 93 بالمائة من الاحداث التي نعتقد انّها ستتسبب في المشاعر السلبيّة لن تحدث أبدا و أنّ 7 بالمائة أو أقلّ لا يمكن التحكّم فيها مثل الجوّ أو الموت مثلا.

ككلّ البشر نحن كثيرا ما نتحدّث الى انفسنا و نتوقّع السلبيات و قد أجرت احدى الجامعات في كاليفورنيا دراسة عن التحدّث مع الذّات عام 1983 و توصّلت إلى أنّ أكثر من 80 بالمائة من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبيا و يعمل ضدّ مصلحتنا و لك أن تتخيّل مدى تأثير هذا الكمّ الهائل من السلبيات على نفسك. و الآن أريد أن أكلّفك بعمل بسيط و هو كلّما انهمكت في التفكير فعليك ان تتوقف و تُدوّن النقاط التي كنت تفكّر فيها و ستندهش من الكمّ الهائل من الطاقة الضائعة في القلق و السلبيات التي اثقلت كاهلك.
قال وأين داير في كتابه "الحكمة في حياتنا اليومية" : 
ما يفكّر فيه النّاس و يتحدّثون عنه يتزايد و يصبح أفعالا.
هناك خمسة مصادر للتحدث مع الذّات او البرمجة الذّاتية :

1.الوالدين: هل تذكر أنّه قد قيل لك من قبل عبارات مثل: أنت كسلان- الا يمكنك ابدا فعل أيّ شيء كما يجب ...  هذا لا يعني أنّ والدينا كانوا سيّئين و لكنهم لم يكونوا على دراية بأيّ طريقة أخرى أفضل لمخاطبتنا لأنهم كانوا قد نشئوا و تبرمجوا على نفس المنوال بواسطة آبائهم.


2. المدرسة : كلّنا نتأثّر إمّا إيجابيا أو سلبيّا ببعض المواقف التي مررنا بها في فترة الدراسة مع المدرّسين أو مع بقية التلاميذ فالمدرسة هي المصدر الثاني الرئيسي للبرمجة الذّاتية.
3. الأصدقاء: يؤثّر الأصدقاء على بعضهم البعض حيث أنّه من الممكن أن يتناقلوا عادات سلبيّة مثل التدخين و شرب الخمر و تعاطي المخدّرات و الهروب من المدرسة .. و ذلك عندما كانت تتراوح أعمارهم بين الثامنة و الخامسة عشرة و هو العمر الذي يطلق عليه علماء النّفس "فترة الاقتداء بالآخرين"
4. الإعلام : أجريت دراسة عن الشباب في أمريكا و كيف يقضون اوقاتهم تبيّن لهم أنهم يقضون حوالي 39 ساعة أسبوعيا في مشاهدة التلفاز فإذا رأى الطّفل أنّ المطرب أو الممثّل المفضّل لديه يتصرّف بطريقة معينة فإنّه سيقوم بتقليده حتى لو كان هذا السلوك سلبيا.
5. أنت نفسك : إنّك تضيف الى نفسك برمجة ذاتية نابعة منك انت , فمن الممكن للبرمجة الذاتية أن تجعل منك انسانا سعيدا و ناجحا او تعيسا يائسا من الحياة , إنّ ما تضعه في ذهنك سواء كان سلبيا او إيجابيا ستجنيه في النهاية.

ننتقل الآن إلى التحدّث عن مستويات الثلاثة الرئيسيّة للتحدّث مع الذات.

المستوى الأول و هو ما أطلق عليه الدكتور الإرهابي الدّاخلي و هو أخطر مستويات التحدّث مع الذّات فالإرهابي الداخلي يبعث إشارات سلبية مثل : أنا خجول – أنا ضعيف – ذاكرتي ضعيفة جدا- أنا شكلي غير جذّاب... يقوم الناس بترديد هذه الرسائل السلبية إلى أن تصبح جزءا من اعتقاداتهم القويّة و بالتالي تؤثّر عليهم و على تصرّفاتهم.

المستوى الثاني  هو كلمة " و لكن " السلبية:

إنّ الانسان يقول أنه يرغب في التغيير و يضيف كلمة "ولكن" و للأسف فإنّ هذه الكلمة تمحو الإشارات الإيجابية التي سبقتها و الآن إذا قلت لك أنّك ممتاز "و لكن" فما الذي سيدور في ذهنك ؟ بالتأكيد أفكار سلبية حيث أنّ كلمة "و لكن" تمحو دائما كلّ ما جاء قبلها و بناء على ذلك فالرسالة التي سيحتفظ بها العقل الباطن هي "انا لا استطيع" مما يعني وجود خوف يمنع الشخص من الوصول الى هدفه.

المستوى الثالث: و هو التقبّل الإيجابي: و هو مصدر للقوّة و علامة على الثقة بالنفس و التقدير الشخصي السليم و الأمثلة على التقبل الإيجابي تتضح من الاتي : أنا استطيع ان امتنع عن التدخين , أنا أستطيع ان احقق اهدافي , أنا ممتاز , أنا قويّ ..

بعد ان تحدّثنا عن المصادر الخمسة للبرمجة الشخصيّة و المستويات الثلاثة للتحدّث مع الذّات نتكلّم الآن عن الأنواع الثلاثة للتحدّث مع الذّات.

1. الفكر: إذا فكّرت في شخص لا تحبّه و تذكّرت أحد المواقف السلبية  التي تسبب لك فيها لاحظ الإحساس الذي ستشعر به , فهذا النوع من التحدّث مع الذّات يؤدي إلى الاكتئاب و يؤثّر سلبيا على الصحة النفسية و البدنية و يحرمك من الاستمتاع بحياتك. و في ذلك كتب " فرانك أوتلو" :

راقب افكارك لأنها ستصبح افعالاراقب افعالك لانها ستصبح عاداتراقب عاداتك لأنها ستصبح طباعاراقب طباعك لانها ستحدد مصيرك.

2.الحوار مع النفس: هل حدث أن دخلت في جدال مع شخص و بعد ان تركك دار في ذهنك شريط الجدال مرّة أخرى؟ و أخذت في إعادة الجدال مع إضافة بعض العبارات كنت تتمنى أن تقولها. هذا النوع من التّحدّث مع النفس يوّلّد احاسيس سلبية قوية.

3. التعبير بصراحة و الجهر بالقول : و هو يأخذ شكلين : التحدّث مع النفس بشكل مرتفع ففي هذه الحالة يكون الشخص تحت ضغط غير عادي فيلجأ لا شعوريا للتنفيس عن نفسه بهذه الطريقة و لكنها تؤدي الى اضرار صحية كما انها تولّد طاقة سلبية ضخمة.


كما يمكن ان يكون التحدث مع الذات على هيئة محادثة توحي بعدم الكفاءة كان تقول مثلا : أنا عندي خوف رهيب من التحدث امام الجمهور, أنا لا اعرف كيف يستطيع الناس القيام بذلك.. أنت بذلك تضع نفسك في فخ انت الذي صنعته فالبرمجة الذاتية بهذه الطريقة هي التي تحتوي على تكرار العبارات السلبية للنفس بالإضافة الى تقبّل هذه العبارات من الاخرين.
و في هذا الخصوص قال العالم الألماني "غوتة" : 
أشرّ الاضرار التي يمكن أن تصيب الانسان هو ظنّه السيّء بنفسه.
الآن إليك القواعد الخمسة لبرمجة عقلك الباطن :

1 – يجب ان تكون رسالتك واضحة و محددة.
2 – يجب ان تكون رسالتك إيجابية .
3 – يجب ان تدلّ رسالتك على الوقت الحاضر.
4 – يجب ان يصاحب رسالتك الإحساس القوي بمضمونها حتى يتقبلها العقل الباطن و ببرمجتها.
5 – يجب ان تكرر الرسالة عدّة مرات الى ان تتبرمج تماما.

ابتداءا من اليوم احذر ماذا تقول لنفسك و احذر ما الذي تقوله للاخرين و احذر ما يقوله الاخرون لك, لو لاحظت أي رسالة سلبية قم بالغاءها بان تقول "إلغي" و قم باستبدالها برسالة أخرى إيجابية.
لذلك عليك أن تكرر دائما لنفسك الرسالات الإيجابية فانت سيّد عقلك و قبطان سفينتك و قد قال في ذلك "جيم رون" (التكرار أساس المهارات) و تذكّر دائما عش كلّ لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك , عش بالايمان , عش بالامل , عش بالحب , عش بالكفاح, و قدّر قيمة الحياة.

الفصل الثاني :

الاعـــــتـــــــقــــــــاد : مولد التّحكم في الذّات

لا يتطلب الاعتقاد أن يكون الشيء حقيقيا فعلا, و لكن كلّ ما يتطلّبه هو الاعتقاد بأنّه حقيقة  الاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كلّ افعالنا و هو اهمّ خطوة في طريق النّجاح و في ذلك هناك حكمة تقول : لكي ننجح فلا بدّ أولا ان نؤمن بأننا نستطيع النجاح و قد قال الكاتب الأمريكي نابليون هيل :
 ما يدركه و يؤمن به عقل الانسان يمكنه أن يحققه.
و إليك قصة ذلك المريض التي لم تنجح معه أي طريقة في العلاج حتى لجا طبيبه الى فكرة بسيطة و هي أنّه قال للمريض أنّ هناك دواءٌ اكتُشف حديثا من الممكن ان ينجح في علاجه في أقل من أربع و عشرين ساعة و بكلّ حماس طلب المريض من الطبيب الحصول على هذا الدواء المُدهش , فأعطاه الطبيب قُرصين, و قد حدث فعلا ان المريض زالت شكواه في اليوم التالي , و الآن هل تعرف ما هو هذا الدواء المعجزة؟
إنّهما قُرصين من الاسبيرين و قد شفي المريض فقط بقوة اعتقاده.

و كما أنه من الممكن ان يكون الاعتقاد سببا في الفشل في الحياة يمكنه أيضا ان يكون سببا للنجاح و تحقيق اهدافنا في الحياة.

قال الكاتب "روبرت ديلتز" : 
يمثّل الاعتقاد اكبر اطار للسلوك و عندما يكون الاعتقاد قويا ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد"
و قد قال الدكتور ريتشارد باندلر أحد مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية أنّ للاعتقادات قوّة كبيرة , فإذا استطعت أن تُغيّر اعتقادات ايّ شخص فإنّك من الممكن ان تجعله يفعل أيّ شيء.

هناك اشكال خمسة للاعتقاد و التي تؤثّر على تصرفاتنا و هي :

1.الاعتقاد الخاص بالذّات فكيفية اعتقادك في نفسك يمكنها أن تزيد من قوتك و تساعدك في التقدّم للامام, أو تكون مُدمّرة و تبعدك عن اهدافك و تمنعك من إحداث أيّ تغيير.
2.الاعتقاد فيما تعنيه الأشياء و هو يمثّل ما تعنيه الأشياء بالنسبة لك فإذا غيّرت اعتقادك في الشيء فإنّه يمكنك تغيير الاعتقاد نفسه كان تغيّر اعتقادك في الحب أو المال أو أيّ شي آخر..
3.الاعتقاد في الأسباب و يمكن ان يشمل اعتقاد في الأسباب أشياء سلبية كأن تقول : لو أصبحت غنيا فمن الممكن أن يتسبب ذلك في تغييري للأسوأ أو تقول : التدخين يسبب لي الاسترخاء..
4.الاعتقاد عن الماضي إنّ ما حدث لك في الماضي سواء كان سلبيا أو إيجابيا فقد مدّك بحصيلة من التجارب تُؤثّر على سلوكك و تتحكّم في تصرفاتك في المُستقبل.
5.الاعتقاد في المُستقبل يكون المستقبل عند بعض الناس مشرقا بمعنى وجود فرص أكثر في الحياة و مستوى أفضل مادّيا و يكون المستقبل عند البعض الآخر مظلما مع احتمالات ضئيلة للنجاح.

إن لم تتوفّر الفرصة للنجاح فحاول مرّة ثانية و ثالثة إلى ان تحقق أهدافك.

أقدّم لك خطة قوية يمكنها أن تساعدك على تحويل الاعتقادات السلبية الى أخرى إيجابية :

احرص على ان تكون في مكان هادئ لا يزعجك فيه أحد لمدة 30 دقيقة و اتّبع هذه الخطوات بالترتيب.

-دوّن اعتقادا سلبيا يحدّ من قدراتك و يحول دون إمكانية تحقيق اهدافك.
-دوّن خمسة أشياء تحدث لك بسبب هذا الاعتقاد.
-اغمض عينيك و تخيّل انّك قد انتقلت لمدّة عام في المستقبل و أنت مازلت باعتقادك السلبي ذاك, لاحظ الألم الذي سببه لك و اشعر به و لاحظ كيف يؤثّر على حياتك الشخصية و العملية.
-ارجع الى الوقت الحاليّ و افتح عينيك و تنفّس بعمق ثلاث مرّات.
-اتّبع نفس الخطوات بالنسبة للاعتقاد الإيجابي و لاحظ الفوائد التي ستحصل عليها فيما يتعلّق بحياتك الشخصية و العملية.و ردد خمسة مرّات (أنا واثق في نفسي و في قدرتي على التغيير)

يمكنك أن تعمل فقط ما تعتقد أنّك تستطيع عمله, يمكنك أن تكون فقط من تعتقد أنّك تكونه, يمكنك ان تحصل فقط على ما تعتقد أنّك قادر على الحصول عليه, و يتوقّف كلّ ذلك على ما تعتقده.

الجزء الثالث: طريقة النظر للأحداث- أساس التميّز.

يقول نورمان فينسن بيل : 
أيّ حقيقة تواجهنا ليست لها نفس الأهمية كأهمية تصرّفنا تجاهها لأنّ هذه الأخيرة هي التي تحدد نجاحنا او فشلنا.
هناك اختلافات بسيطة و أخرى كبيرة بين الناس , فالاختلافات البسيطة هي النظرة تجاه الأشياء أمّا الاختلافات الكبيرة فهي كونها سلبيّة أم إيجابية.

و لكن ما هو تعريف النظرة تجاه الأشياء؟ ما هو مصدرها؟ و هل من الممكن تغييرها؟

النظرة تجاه الأشياء هي عبارة عن وجهة النظر التي من خلالها نرى الحياة و هي عبارة عن طريقة تفكير و تصرّف و إحساس.

يقول الدكتور ابراهيم الفقي : قال لي أحد الذين اتّخذتهم مثلا أعلى في الحياة :إنّ نظرتك الإيجابية تجاه الأشياء هي جواز مرورك إلى مستقبل أفضل و هي ليست الغاية و لكنّها طريقة للحياة.

نعم إنّ النظرة تجاه الأشياء هي مفتاح السعادة و الوصفة السرية وراء نجاح القادة و العظماء.
و قد قال غاندي :
إنّ الشيء الوحيد الذي يميّز بين شخص و آخر هو النظرة السليمة تجاه الأشياء.
يمكنك انت ان تقرر أن تبتسم , يمكنك أنت ان تقرر ان تقوم بالعطاء و المساعدة.
فعلا إنّ النظرة للاشياء هي اختيار و هذا الاختيار نقوم ب هانا و أنت و لدينا القدرة على تغييره و لكن فقط عندما نقرر ان نحرر أنفسنا من سيطرة الذّات.

و قد قال ألبرت أينشتاين : 
تقدّر القيمة الحقيقية للإنسان بدرجة حريته من سيطرة ذاته.
و حتى يكون لدينا نظرة سليمة تجاه الأشياء يجب علينا أن نتفادى السلبيات الخمس التالية:
 1. اللوم: عندما تلوم الاخرين  الظروف و المواقف فإنّك بذلك تعطيهم القوّة لقهرك فيجب عليك أن تتوقف عن لوم الاخرين و ان تتحمل مسؤولية حياتك.
2. المقارنة: إنّ عملية المقارنة ليست في صالحنا لأنّها تُبنى على الشيء الذي لا نتمكّن منه و الذي يكون الآخرين متميّزون عنّا فيه, فبالطبع سنخسر المقارنة و نشعر بالضيق , فإذا كان لا بدّ من المقارنة قم بها و لكن عليك ان تقارن بين حالتك الآن و حالتك التي من الممكن أن تكون عليها في المستقبل.
3.العيش مع الماضي: إنّ العيش مع الماضي هو سبب أساسي للفشل حيث أنّ الماضي قد انتهى للابد و يمكننا فقط أن نتعلّم منه و نستفيد من المعرفة التي اكتسبناها و ذلك بهدف تحسين ظروف حياتنا.
4.النقد: قبل أن تقوم بتوجيه النقد لأيّ شخص عليك ان تتوقف لحظة و تتذكّر أنّ نقدك ربما يولد بينك و بين الاخرين أحاسيس سلبية , قبل أن توجّه نقدك تنفس بعمق و قم بالعد العكسي من عشرة الى واحد لاطلاق سراح أي توتر.
5. ظاهرة الانا: إذا أردت ان يسخر منك الناس ا وان يتحاشوا الحديث معك فعليك فقط أن تتحدث دائما عن نفسك و تذكّر دائما أنّ كلّ شخص عنده صوت في داخله يقول له: أنا أهمّ إنسان في العالم بالنسبة لي.

و هناك مثل قديم يقول: 
حدّث الناس عن نفسك سيستمعون لك حدّثهم عن انفسهم سيحبّونك.
لذلك يجب عليك ان تقلل من استعمال كلمة "أنا" و كن كريما في استعمال كلمة" أنت".
ابتسم, خاطب الناس بأسمائهم, انصت و أعط فرصة الكلام للآخرين, تحمّل المسؤولية الكاملة لأخطائك, جامل النّاس, سامح و اطلق سراح الماضي.

و هذه خطتك لكي تكون نظرتك تجاه الأشياء سليمة :

*استيقظ صباحا و انت سعيد.
*احتفظ بابتسامة جذّابة على وجهك.
*كن البادئ بالتحية و السلام.
*كن منصتا جيّدا.
*خاطب الناس بأسمائهم.
*تعامل مع كلّ انسان على انّه أهمّ شخص في الوجود.
*ابدأ بالمجاملة.
*دوّن تواريخ ميلاد المحيطين بك.
*قم بإعداد المفاجآت لشريك حياتك.
*ضُمّ من تحبّه الى صدرك.
*كن دائم العطاء.
*سامح نفسك و سامح الآخرين.
*استعمل دائما كلمة "من فضلك" و كلمة "شكرا".
*قم بمعاملة الآخرين بالطريقة التي تحبّ أن يعاملونك بها.

الجزء الرابع: العواطف-ألوان قوس قزح

تتغيّر العواطف كما يتقلب الجو و تختلف الاحاسيس كألوان قوس قُزح فأنت من الممكن ان تبدأ يومك بالسعادة و تكون منسجما و تدندنُ أغانيك المُفضّلة و أنت تستعدّ للخروج و أثناء ذهابك لعملك لو ضايقك أيّ شخص بسيارته أثناء القيادة فانت تتركه يمر ببساطة و دون أيّ انفعال و تذهب الى عملك و تبدأ بتحية الجميع و تتمنى لهم يوما سعيدا , و لمَ كلّ هذا؟ فقط لأنّك تشعر بالسعادة.

و في اليوم التالي , تستيقظ متأخرا في الصباح حيث أنّك قد نسيت ضبط ساعة المنبّه و تدور حول نفسك و يختلط كلّ شيء أمامك و إذا ضايقك احد في الطريق تكون في منتهى العصبيّة و إذا بادر أحد بتحيّتك متمنيا لك يوما سعيدا سيكون ردّك: اتركني و شأني أرجوك , فمن أين ستأتي السعادة؟

فدعني أسألك , هل أنت أحد هؤلاء الذين يسمحون للظروف أن تُؤثّر على أحاسيسهم؟ فكّر في ذلك.
في كتابه "غير فكرك لمجرّد التغيير" قال ريتشارد باندلر : 
يظن بعض الناس أنّ الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح و لكن العكس صحيح حيث أنّ النجاح هو نتيجة للشعور بالسعادة.
فهل انت من هؤلاء الذين ينتظرون شيئا بعينه أو شخصا مُحددا يجعلك تشعر بالسعادة؟
لنبدأ بفهم السببين الرئيسيين للعواطف , فبناءً على رأي سيجموند فرويد فإنّ أوّل سبب للعواطف هو الحبّ و الرغبة أما السبب الثاني هو الخوف و الفقدان. و السبب الأول يرتبط بالمتعة و السرور و يدفع الانسان للتحوّل تجاه رغباته أما السبب الثاني فيرتبط بالالم و يدفع الانسان للابتعاد عن مصدر الألم.

و في ذلك يقول ابراهام لينكولن: 
يكون المرء سعيدا بمقدار الدّرجة التي يقرر أن يكون عليها من السعادة.
إنّ العواطف مثل المصعد ترتفع و تنخفض و لكنّك أنت المتحكّم فيها فالطريقة التي تنظر بها لأيّ موقف هي التي تتسبّب لك إمّا بالسعادة أو التعاسة.

و الآن أقدّم لك المبادئ الأربعة للسعادة :

1.الهدوء النفسي الداخلي: عندما يكون كيانك الداخلي في سلام و تكون متصلا بذاتك الحقيقية و بعيدا عن الانا السلبية و قيودها و عندما تسمح بقوة الحب بان تملأ قلبك و روحك فإنّك ستقاوم ضدّ أيّ تأثيرات و أحداث العالم الخارجي.
2. الصحة السليمة و الطاقة : إنّ الطريقة التي تبرمج بها عقلك و نظام التغذية التي تتعوّد عليه و مدى مداومتك للألعاب الرياضية كلّ ذلك يؤثّر على مستوى صحّتك و طاقتك فإذا كنت في صحّة جيّدة و لديك طاقة عالية ستكون أكثر حماسا و أكثر شعورا بكيانك و تكون سعادتك على درجة أعلى.
3. الحب و العلاقات : عندما تكون علاقتك بالاخرين طيبة فستشعر فعلا أنّهم يهتمون بك و يحتاجون إليك ستكون أكثر سعادة.
4.تحقيق الذات: عندما يكون عندك أهدافا ذات قيمة و تشعر بالحماس لتحقيقها ستجد أنّك تعمل في هذا الاتّجاه و سيكون شعورك تجاه ذاتك و تجاه مقدرتك على النجاح إيجابيا.
و الآن اليك هذه الوصفة الفعّالة التي تساعدك على تغيير أيّ عواطف سلبيّة و تجعلك تشعر بالارتياح و السعادة :

*دوّن إحساسا سلبيا يؤثّر عليك الآن.
*دوّن لماذا أنت لديك هذا الإحساس.
*قم بتمزيق الورقة و ألق بها بعيدا.
*دوّن إحساسا إيجابيا تحبّ أن تشعر به.
*تخيّل نفسك باحساسك الجديد.
*اغمض عينيك و لاحظ أوّل شيء يخطر ببالك عندما تفكّر بهذا الإحساس و هل هو شيء تراه , تسمعه أم تشعر به.
*غيّر في الصورة , اقترب منها و قم بتكبيرها ثمّ غيّر في الصوت و اجعله مرتفعا و قويا.
*غيّر تحركات جسمك , ارفع رأسك لأعلى مع فرد الأكتاف و التنفس بقوة.
*ردد قولك "أنا قويّ" خمس مرّات.
*ارسم ابتسامة على وجهك.

و الآن ما الذي تشعر به بعد مرورك بكلّ هذه الخطوات؟

ابتداءً من اليوم عليك أن تمسك بزمام حياتك و لا تحبس نفسك في حلقة مفرغة , ابدأ في ممارسة هوايات جديدة كالرّسم مثلا أو الرياضة.

إذا أردت أن تتكلّم مع أحد الأشخاص عن مشكلة ما فقم باختيار الشخص الذي يملك العلم و التجربة لمساعدتك و لا يقع اختيارك على الأشخاص الذين يقومون بتعقيد المشكلة أكثر و أكثر و لا تستمرّ في سجن نفسك في الماضي.

قم بمكافأة نفسك مرة في الأسبوع على الأقل و قم بمشاهدة فيلم مضحك أو قراءة كتاب لطيف.
اجعل حياتك رائعة لأنّ كلّ يوم هو عبارة عن بداية جديدة.



الجزء الخامس: السلوك:

يقول الكاتب : 
في إحدى المرات جاءني شاب في عيادتي و قال لي : أنا لم أبك في حياتي أبدا و لا أظنّ أنني أعرف حتى كيف يقوم الناس بذلك.
و لما سألته عن السبب الذي جعله يعتقد ذلك كان جوابه أنّه لم برَ والده يبكي و لا مرّة في حياته و كان دائما يقول له أنّ البكاء ليس من سمات الرجال.
و في يوم آخر قابلت شابا آخر قالي لي أنّه يحتاج لمساعدتي فهو يبكي بسهولة جدا أو يخشى أن يظنّ الناس أنّه ضعيف و قال أنّ سبب ذلك أنّ والديه كانا يبكيان بسهولة سواءً في حالة الفرح أو الحزن و كانا دائما يرددان له أنّ البكاء هو تنفيس عن العواطف.
هكذا نرى أنّ أحد الشابين قد جاءني كي يتعلّم كيف يبكي و الآخر ليتعلّم كيف يتوقّف عن البكاء و قد تعلّم كلّ منهما هذا السلوك عن طريق والديه.
نحن نتعلّم في صغرنا القواعد العامّة للحياة و طرق السلوك من نماذج الكبار المحيطين بنا. فالاطفال يراقبون و يتذكرون و يتحمّسون لتقليد سلوك الكبار.

ما هو السلوك؟ و من أين يأتي ؟ و هل في استطاعتنا تغييره؟

إنّ السلوك معناه التصرف , كيف تتصرف أو كيف لا تتصرف؟ و هو العامل المباشر المُتحكّم في نجحنا أو فشلنا.

إذا كان سلوكك إيجابيا فستكون النتيجة إيجابية أمّا إذا كان سلوكك سلبيا فستكون النتيجة حتما سلبية .فمثلا إذا كان هناك أزمة في المرور تتسبب في تاخيرك و خروجك عن أعصابك فإنّك ستُحمّل نفسك أكثر من طاقتها أما إذا انتهزت فرصة ذلك الموقف و امضيت الوقت في سماع موسيقاك المُفضّلة أو شريطا به معلومات قد تفيدك و تمدّك بأفكار إيجابية فالنتيجة ستكون مختلفة تماما.

مصادر السلوك:
1.المؤثّرات الخارجية كالبرمجة عن طريق الوالدين , أو عن طريق المدرسة أو عن طريق الأصدقاء أو عن طريق وسائل الاعلام.
2. التجارب و الخبرات : زارني أحد الأشخاص في عيادتي و قال لي : كنت متزوجا و عندي طفلين و كانت حياتنا ممتازة للغاية الى أن تركتني زوجتي من أجل رجل آخر وأخذت معها الطّفلين و انا الآن أشعر بالوحدة و لكنّي مع ذلك أخشى أن أرتبط بامرأة أخرى حتى لا أمرّ بنفس التجربة ثانية. ما حدث لهذا الشخص هو انّ حكمه و تقديره بخصوص المرأة كان نابعا من تجربته و بالتالي كان له أثرا على إحساسه و سلوكه.
3. عزّة النفس: إنّ شعورنا تجاه انفسنا يؤثّر بطريقة حاسمة على كلّ مظهر من مظاهر تصرّفاتنا فإذا كانت درجة عزّة النفس عند أحدهم منخفضة فإنّه سيقوم بتعويض هذا النقص في الاكل بشراهة مثلا او مشاهدة التلفاز بكثرة.
و على العكس بالنسبة للشخص الذي يشعر بتقدير كبير تجاه نفسه فإنّه يتصرف بثقة و جُرأة و يحقق دائما نتائج أفضل و يعيش حياة أفضل.
4. النظرة الذاتية:إنّ النظرة الذاتية هي المفتاح لشخصيّة الانسان و سلوكه فإذا قمت بتغيير النظرة الذّاتية فإنّك ستُغيّر الشخصية و السلوك.
إنّ كل تصرّفاتك و إحساساتك و سلوكك و حتى قدراتك دائما ما تكون طبقا لنظرتك الذاتية.
5. النتائج: اعتقاداتك عن نفسك تؤثّر على نتائجك كما أنّ النتائج أيضا تضيف الى اعتقاداتك و تؤثّر فيها فالمصدران يؤثّران على سلوكك في المُستقبل.
6. التفسير الشخصي للمواقف: إنّ الطريقة التي تدرك بها المواقف و تفسّرها تؤثّر على حكمك عليها و بالتّالي على سلوكك.

الآن أقدّم إليك ما نطلق عليه في البرمجة اللغوية العصبية "مولد السلوك الجديد" و هو الذي يمكنك استعماله لاحداث ايّ تغييرات في سلوكك.

*اختر مكانا هادئا و مُريحا بحيث لا يزعجك أيّ أحد على الاطلاق لمدّة 30 دقيقة.
*فكر في سلوك ليس عندك و لكنك تتمنى اكتسابه كالجرأة و القة النفس و غيرها..
*تنفس بانتظام و فكّر في أحد الأشخاص الذين يتميزون بهذا السلوك , إذا لم يكن هناك شخص بعينه تخيل شخصا من نسج خيالك.
*اغمض عينيك و تخيّل أنّ أمامك حاجزا شفّافا يمكنك الرّؤية من خلاله.
*تخيّل أنّك ترى الشخص الذي في ذهنك و قم بملاحظة ما يفعله و كيف يتصرّف و لاحظ تعابير وجهه و تحرّكات جسمه.
*تخيل أنّك تخطّيت الحاجز الشفاف لتقف الى جانب ذلك الشخص و تندمج فيه.
*تخيّل أنّك تمتلك كلّ ماتحتاجه للسلوك الجديد لدرجة أن تشعر أنّك مقتنع به تماما.
*أنت الآن تملك السلوك الذي طالما كنت تتمناه.
*عندما تكون راض تماما عن السلوك الجديد ارجع للحاضر ببطئ و افتح عينيك.

اذا قمت بهذا التمرين بطريقة دقيقة بكلّ إحساسك تكون قد نجحت في تجربة مُوّلّد السلوك الجديد و تكون قد استطعت تغيير سلوكك السلبي إلى آخر إيجابي.

و أخيرا أدعو لك من كلّ قلبي أن تكون حياتك مليئة بالحب و النجاح و السعادة و تذكّر دائما :

عش بالايمان
عش بالامل
عش بالحب
عش بالكفاح
و قدّر قيمة الحياة.


إرسال تعليق

Post a Comment (0)