إلتهمت أختي فاقتص مني القدر (الجزء الثاني و الأخير)

"الطفرة الجينية "الكايميرا


"الطفرة الجينية "الكايميرا


" التهمت اختي فاقتص مني القدر "

لم أعتد أن أعيش ضغوطات بمثل هذه الحدة و لكن ما كان يخفف عني وطئ مصيبتي هو وجود صغيري إلى جانبي ،، أحسست أنني أحبه أكثر من إخوته فهو آخر فرصي و أجملها و في نفس الوقت أكرهه لأنه أكبر هواجسي و أعظم مخاوفي، أحسست بالضعف و الهوان ،، أحسست ببشريتي تتبدد أمامي و أمومتي تتبخر في الفضاء دون أن تترك أي عبق لذكرياتي.
ارتشفت المرار و وصلت إلى نهاية جسر الصمود و لم يبق أمامي إلا الإنتحار قلقا فقد تمكن مني الجنون و صرت أتخيل أفلاما كثيرة و شرائطا لا تنتهي دون ،، أن أفرق بين ليل أو نهار ،، مضت أيامي كلها هكذا و أنا أشتاق إلی ولديَّ، أريد أن أعانقهما و أشم رائحتيهما و أضع يدي على رأسيهما ، أجعل أصابعي تتخلل شعرهما ، أقبل راحات يديهما ، و في خضم كل هذا لا أجد بجانبي سوى رضيع نائم فأحمله و أعانقه و أطبق عليه كل طقوس اللقاء الأول غير عابئة باستيقاظه أو بكائه ...
و ما زاد من غرابة الموقف حينها أن فحص الحمض النووي أثبت أن أمي هي جدة الولدين ،، ما هذا الجنون و أين أنا من كل هذا ؟
دقت ساعة الحقيقة فانصرفت لا أدري أركضا أم هرولة أم طيرانا و لكنني وصلت إلى المحكمة قبل ساعة من الموعد و جلست في ذلك الممر أستمع لتشكيات الشابات - اللاتي سيطلبن الطلاق - في ازدراء تام ،، فماذا تساوي جراحكن أمام فقداني لثلاث حيوات كنت أعيشها كلها معا و فقدتها في طرفة عين.
كنت ميتة عندما سمعت " القضية 98 " و لا أدري أ كنت حييت وقتها أم أن عظامي الميتة سحقت فمت بعد الموت مرة أخرى ،، وقفنا أمام القاضي و كنت أشبه بطفل فاشل ينتظر أن يحقق أولى انتصاراته ... و كانت النتيجة هي ذاتها لم تتغير !!! كيف يعقل هذا ؟ أقسم أنه نزل من رحمي !! كاد يغمى علي لو لم ينطق المحامي المثقف بهذه الكلمات الجميلة التي نزلت على قلبي كالسلام ، كالحرية ، ككل الأشياء المجردة التي لا نلمسها و لكنها تلمسنا :" قرأت في إحدى المجلات العلمية عن مرض جيني يسمى ( الكايميرا) ،، و هو ما يجب أن نتقصى عنه في حالة ليديا "
و من هناك أجلت الجلسة دون حكم و دخلنا في مرحلة جديدة و بدأت سلسلة جديدة من التحريات و الفحوصات  التي كنت محورها.
في الفحص الذي سبق تم أخذ عينات من جلدي و شعري و التي تبين أنها لا تتطابق و جينات أطفالي مما دفع الطبيب لأخذ مزيد من العينات من أعضاء أخرى عله يجد في أحدها جينات مختلفة ،، و كانت المفاجأة أعمق مما توقعت ،، أثبت التحليل أنني حاملة لذلك المرض فعلا و المتمثل في حمل الشخص الواحد نوعين مختلفين من الخلايا من نفس اللاقحة ،، و أثبت كذلك أن الجينات التي يحملها المبيض عندي مختلفة تماما عن باقي الجينات في كامل جسدي ،، و من هناك ثبت أنني أمهم البيولوجية مما رسم الكون أمامي سعادة أعظم من أن يعالجها عقلي الصغير ... و بعد أن استرجعت حضانة أطفالي و تحصلت على الحكم بالنفقة الذي طلبته و عدت إلى حياتي الجميلة الهادئة بعيدا عن سيناريوهات الكتاب المجانين و بعيدا عن طفرات الخيال العلمي عدت إلى الطبيب كي أستفسر اكثر عن الموضوع الذي كاد يدمر صحتي العقلية و النفسية و أمني و أماني و سكينتي ،، و كان كل ما شد انتباهي و كل ما ثبت في ذاكرتي الضعيفة أن حملي لأكثر من نوع من الخلايا يعود إلى ما قبل مولدي ،، إلى الزمن الجميل الذي كنت فيه في بطن أمي و كانت معي أختي التوأم ( توأم غير حقيقي ) حيث حدث شيء ما أجهله فإجتمعنا في جسد واحد أنا من يمثله و توأمي من تهتم بخصوبته ،، و لكنني ممتنة للقدر الذي جعل مني توأمي 💜


 القصة حقيقية و لكنني أردت أن أسردها بطريقتي و يشرفني ان أعرف أراءكم في هذه التجربة و شكرا

بقلم وفاء الهذلي 

إرسال تعليق

Post a Comment (0)