لماذا يحلم الإنسان؟ 3 نظريّات علمية مختلفة


لقد شغلت الأحلام الفلاسفة منذ آلاف السنين ، لكن في الآونة الأخيرة فقط خضعت الأحلام للبحث التجريبي والدراسة العلمية المركزة.و من المحتمل أنك وجدت نفسك غالبًا محتارًا حول المحتوى الغامض لحلم ما ، أو ربما تساءلت لماذا نحن نحلم بالاساس؟


ما هو الحلم؟
يمكن أن يتضمن الحلم أيًا من الصور والأفكار والعواطف التي تحدث أثناء النوم. يمكن أن تكون الأحلام واضحة بشكل مفرط أو غامضة للغاية,مليئة العواطف و الصور الممتعة أو بصور مخيفة و ربما مرعبة ايضا, محددة ومفهومة أو غير واضحة ومربكة.. 
كلّ هذا يمكن ان نجده في احلامنا و اكثر. .

لكن ما الغرض الذي تقدمه الأحلام؟

لذا بينما نحلم جميعنا ، ماذا يقول علماء النفس عن سبب تلك الاحلام؟ في الواقع, تم اقتراح العديد من النظريات ،لكن لم يظهر أي توافق في الآراء, وبالنظر إلى الكم الهائل من الوقت الذي نقضيه في حالة الحلم ، فإن حقيقة أن الباحثين لا يفهمون بعد الهدف من الأحلام قد يبدو محيرًا. ومع ذلك ، من المهم أن نعتبر أن العلم لا يزال يكشف عن الغاية والوظيفة الدقيقة للنوم نفسه.

يرى بعض الباحثين أن الأحلام لا تخدم غرضًا حقيقيًا بينما يعتقد آخرون أن الحلم ضروري للرفاه العقلي والعاطفي والجسدي.  إرنست هوفمان ، مدير مركز اضطرابات النوم في مستشفى نيوتن-ويلزلي في بوسطن بولاية ماساشوستس ، في مجلة ساينتفيك أمريكانScientific American  ل2006 , صرح بأن "...للحلم وظيفة محتملة (على الرغم من أنها غير مؤكدة بعد) في نسج مادة جديدة في نظام الذاكرة بطريقة تقلل من الإثارة العاطفية وتتكيف في مساعدتنا على التعامل مع المزيد من الصدمات أو الأوضاع المجهدة و العصيبة "

بعد ذلك ، دعنا نتعرف على بعض من أبرز نظريات الأحلام.

1.نظريّة التحليل النفسي للأحلام

بالتوافق مع منظور التحليل النفسي ، أشارت نظرية سيغموند فرويد عن الأحلام بأن الأحلام تمثل ترجمة لاواعية عن الرغبات و الافكار و الحرمان والدوافع التي تراود عقلنا الباطن. ووفقًا لرؤية فرويد  للشخصية و انطلاقا من نظرية التحليل النفسيّ التي ابدعها، فإن الناس تدفعهم غرائز عدوانية وجنسية يتم كبتها من قِبل عقلنا الواعي.و بينما لم يتم التعبير عن هذه الأفكار بوعي ، اكّد فرويد أن تلك الدوافع و الرغبات تجد طريقها إلى وعينا من خلال الأحلام.

وكتب فرويد في كتابه الشهير "تفسير الأحلام" أن الأحلام هي "... الإنجازات المُقَنَّعة للرغبات المكبوتة".

كما وصف اثنين من مكونات مختلفة من الأحلام: محتوى واضح والمحتوى الكامن او المُبَطّن.و يتكون المحتوى الأساسي او الواضح من الصور والأفكار والمحتويات الموجودة داخل الحلم بينما يمثل المحتوى الكامن المعنى النفسي الخفي للحلم.

ساهمت نظرية فرويد في شعبية تفسير الأحلام ، والتي لا تزال شائعة لليوم. ومع ذلك ، فقد فشلت الأبحاث في إثبات أن المحتوى الظاهر يقوم بدور القناع الذي يُخفي الأهمية النفسية الحقيقية للحلم.

2.نموذج التنشيط والتجميع للحلم Activation-Synthesis Model of Dreaming

تم اقتراح نموذج التوليف و التنشيط للحلم لأول مرة من قبل J. Allan Hobson و Robert McClarley في عام 1977. وفقًا لهذه النظرية ، يتم تنشيط الدوائر في الدماغ أثناء نوع محدد من النوم و الذي يطلق عليه اسم  REM sleep ،وهو نوع من النوم الذي يحدث على فترات خلال الليل ويتميز بحركات العين السريعة والحركة الجسدية غير الارادية، وسرعة في النبض وعدم انتظام في التنفس, و حسب الباحِثَيْن ,  ينتج  ذلك عن تأثّر مناطق معينة من الجهاز الحوفي او النطاقيّ والتي تشارك في تحفيز العواطف ، والأحاسيس ، و الذكريات  لتصبح نشطة. و من ثمّ يقوم الدماغ بتجميع وتفسير هذا النشاط الداخلي ويحاول إيجاد معنى لهذه الإشارات ، مما يؤدي إلى الحلم.
 يشير هذا النموذج إلى أن الأحلام هي تفسير ذاتي للإشارات التي يولدها الدماغ أثناء النوم.


و بعد ان عرفنا أن هذه النظرية تشير إلى أن الأحلام هي نتيجة الإشارات المتولدة داخليا ، يعتقد هوبسون أن الأحلام لا يمكن ان تكون اعتباطية او لا معنى لها. بدلاً من ذلك ، يرى الباحث أن الحلم هو "... أكثر حالات الوعي ابداعًا، وهي الحالة التي ينتج فيها إعادة التركيب الفوضوي والعفوي للعناصر المعرفية مكونة بذلك منظومة جديدة من المعلومات و الأفكار جديدة. وفي حين أن العديد أو حتى معظم هذه الأفكار قد تكون غير منطقية ،فإنّ القليل من إنتاجاتها الخيالية مفيدة حقًا ، وبذلك لن الزمن الذي نقضّيه مع أحلامنا مضيعة للوقت".


3. نظريات معالجة المعلومات

إحدى النظريات الرئيسية التي تفسر الغرض من النوم هي أن النوم يسمح لنا بتوحيد ومعالجة جميع المعلومات التي جمعناها خلال اليوم السابق. يرى بعض خبراء الأحلام أن الحلم هو مجرد منتَج ثانوي أو حتى مجرد جزء نشط من عملية معالجة المعلومات هذه. نظرًا لأننا نتعامل مع المعلومات والذكريات المتعددة في اليوم الواحد، فإن عقولنا النائمة تنشئ صورًا وانطباعات وروايات لإدارة جميع الأنشطة التي تحدث داخل رؤوسنا أثناء سباتنا.

اخيرا , قد تمّ اقتراح عدّة نظريات أخرى لتفسير حدوث ومعنى الأحلام. و فيما يلي عدد قليل من الأفكار المقترحة التي يمكن ان تُلخص تلك النظريات:

-تصرّح إحدى النظريات بأن الأحلام هي نتيجة لأدمغتنا التي تحاول تفسير المنبهات الخارجية أثناء النوم. على سبيل المثال ، قد يتم دمج صوت الراديو في محتوى الحلم..

-نظرية أخرى تستخدم استعارة الكمبيوتر لتفسير الأحلام. وفقًا لهذه النظرية ، تعمل الأحلام على "تنظيف" او جرد الفوضى من العقل ، مثل عمليات التنظيف في الكمبيوتر ، وتحديث العقل للتحضير لليوم التالي.

-يقترح نموذج آخر أن الأحلام تعمل كشكل من أشكال العلاج النفسي. في هذه النظرية ، يمكن للحالم أن يربط بين الأفكار والعواطف المختلفة و المتناقضة في بيئة آمنة.

-يجمع النموذج المعاصر للحلم بعض عناصر النظريات المختلفة. يؤدي تنشيط الدماغ إلى خلق صلات فضفاضة بين الأفكار والرغبات ، التي تسترشد بعد ذلك بمشاعر الحالم.


"الأحلام هي محك شخصياتنا."  يقول "هنري ديفيد تورو"..

إرسال تعليق

Post a Comment (0)