عندما كان عمري 6 سنوات، اشترى لي والدي كمانْ. لقد كانت هدية غيرت لي حياتي. لا يمكنني القول أنه كان لدي موهبة خارقة لكنني كنت جيدا بالموسيقى وكنت استمتع بقضاء الوقت في دراستها. في سن العاشرة، بدأت أعزف حفلات موسيقية صغيرة. في البداية، كانت فقط لعائلتي ودائرة من أصدقائي، لكن بعد أشهر، كنت ألعب الكمان في مسرح مدرسة الفنون الجميلة. يمكنني أن أتذكر كيف كنت متوترا قبل كل حفلة موسيقية. ولكن بمجرد البدأ في لعب الكمان أدخل في حالة من الراحة والسلاسة، وأصبح الكمان صديق المفضل.
كان التحدث في الأماكن العامة مختلفا تماما عن العزف على آلة موسيقية على خشبة المسرح. في الحفلات الموسيقية كنت أحمل الكمان وكان ذلك مصدرًا هائلاً للراحة. لم أشعر أنني بمفردي . عندما كنت أتحدث أمام زملائي في العمل، كنت بالكاد أحمل نفسي وحاربت كل أنواع المخاوف والأصوات السلبية في رأسي: ماذا لو قلت شيئا غبيا؟ هل سأبدو محترفا بما فيه الكفاية؟ ماذا لو لم تعجبهم أفكاري؟
ما لم أدركه في ذلك الوقت، وما أعلم أنه صحيح الآن، هو أنني كنت أتعامل مع قضايا احترام الذات والثقة الجادة. كان السعي وراء الكمال أسوأ عدو لي، ولم أكن أشعر بأي شيء جيد بما فيه الكفاية.
في الحقيقة، كنت بحاجة إلى أشخاص مثلي لأنني لم أكن أحب نفسي. كان التحدث أمام الناس تحديا بالنسبة لي لسنوات عديدة. جعلني أشعر بالتوتر. عندما كنت أمام جمهور أكبر ومع أشخاص لم أكن أعرفهم، كانت أصابعي ترتجف وتتسارع نبضاتي وأصبح قلبي ينبض في حنجرتي.
جربت الحيلة القديمة والتي تنصح بتخيل الجهور في ملابسهم الداخلية. لكنها لم تنجح. شعرت بأنها وهمية. لم يكن الناس الذين أمامي عراة بل كانت لديهم ملابسهم. هذا ما كان علي أن أتعلم مواجهته: الواقع.
إليكم الأشياء الأربعة التي ساعدتني حقا في التغلب على خوفي من التحدث علنًا:
1- لقد وجدت التوازن
يبدو الأمر بسيطا، لكنه حقا تغييرا إيجابيا هائلا في نوعية خطابي. إن حمل شيء صغير- مثل القلم- يساعدني على الحفاظ على تركيزي وتوازني. كان مثل حمل قوس الكمان في يدي اليمنى والكمان معي. ربما كان مجرد قلم، لكنني شعرت أقل وحدة.
2- لقد صنعت صداقة مع خوفي
هل تعلم أنه من بين جميع المخاوف، فإن الخوف من التحدث أمام الجمهور هو الأكثر شيوعا؟ حتى الخوف من الموت يحتل المرتبة الثانية.
لكن كان علي أن لا أترك خوفي يجعلني أضعف. بدلا من ذلك، تعلمت كيفية احتضانه باعتباره مجرد جزء من كوني إنسان. لقد أدركت أنه في حالة التحدث أمام الجمهور، كان الغرض البيولوجي للخوف هو حمايتي من الأذى العاطفي الذي ينجر عن عدم رغبة الجمهور بي أو بعدم الحديث بشكل جيد. في اللحظة التي غيرت فيها نظرتي لخوفي من عدو الى صديق يريد حمايتي، تغير كل شيء. كان خوفي لا يزال معي، ولكن الآن أصبح موجود لدعمي والحفاظ على سلامتي.
3- تخلصت من رأي الآخرين عني
إن كون المرء محبوبا ومقبولا ومقدرا من قبل الآخرين هو حاجة إنسانية أساسية، ومنذ سن مبكرة، تم تربية الكثير منا على الاهتمام بآراء الآخرين. لذلك ليس من المستقرب أن نسعى في حياتنا محاولين ملاءمة توقعات الآخرين حولنا.
أعتقد أن السعي إلى التحقق من الذات من خلال أشخاص آخرين يحولنا إلى سجنائهم. إذا كنا قلقين مما يفكر به الآخرون عنا فنحن نركز عليهم بدلا عن التركيز على أنفسنا و على الرسالة التي نريد تقديمها. لا يمكننا التحكم في ما يشعر به الآخرون، لكننا حتما مسؤولون عن مشاعرنا وأفكارنا واحساسيسنا.
عندما أعرف أن ما يعتقده الآخرون عني ليس له علاقة بي ولا يصفني فأن أنئى بنفسي عن أي حكم. ما يرونه في رأيي هو رأيهم فقط. قد يظن البعض أنني ذكي أو مضحك أو موهوب. قد يظن الآخرون أنني ذو أداء متوسط أو حتى شخص رديء. بالنسبة للبعض قد أبدو وسيما. للآخرين قد لا أكون كذلك. الأمر كله يتعلق بمعايير الجمال والذكاء عندهم، ولا علاقة له بي.
4- تعلمت مهارات جديدة واكتسبت بعض المعلومات العملية حول التحدث أمام الجمهور.
سواء كان الأمر يتعلق بالتخطيط للكلمة أو بإبقاء جمهوري مهتمًا بالموضوع ورغبتهم في معرفة المزيد، فإن الممارسة ضرورية. كلما تجرأت على الوقوف والكلام ، كلما أصبح الأمر سهلا عليك. اليوم، أبدأ خطابي بقصد القيام بأفضل ما يكمنني فعله. ليست هناك حاجة للكمال. لقد تعلمت كيفية ارتكاب خطأ والتغلب عليه بأمان، بدلا من معاقبة نفسي. لا ضغط بل حرية نقية.
أصبح تقاسم معرفتي علنا مصدرا لفرح ورضًا حقيقين.
إرسال تعليق